ورشات إصلاح السيارات في القامشلي: شكاوى من الغلاء وسوء الخدمة وسط غياب الرقابة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

يعاني أصحاب السيارات في مدينة القامشلي من ارتفاع كبير في تكاليف صيانة وإصلاح السيارات، إضافة إلى ضعف جودة قطع الغيار والخدمات المقدمة في الورشات، وسط غياب واضح لأي رقابة أو آليات للمحاسبة. تتزايد شكاوى المواطنين من “الاستغلال العلني”، كما وصفه البعض، بينما يؤكد أصحاب الورش أن ارتفاع الأسعار يعود إلى أسباب خارجة عن إرادتهم تتعلق بتكاليف الاستيراد والإيجارات وسوء نوعية المحروقات والزيوت المتوفرة في السوق المحلية.

أعطال متكررة وكلفة باهظة دون نتائج

يقول حسين، وهو سائق سيارة أجرة يعمل على خط الكورنيش في القامشلي، لمنصة سوريا 24، إن سيارته من نوع “سي إم” بدأت بإصدار صوت غريب من المحرك، ما اضطره إلى أخذها إلى إحدى الورشات في المدينة. يضيف: “من اللحظة الأولى، أخبرني العاملون في الورشة بضرورة تفكيك المحرك دون إجراء فحص دقيق. شعرت بأن هناك مبالغة، لكنني وافقت على أمل أن يكونوا على دراية بالمشكلة”.

في اليوم التالي، تفاجأ حسين بأن المحرك قد فُكك بالكامل، وتم إعلامه بأن عدة قطع يجب تغييرها. وعند سؤاله عن توفّر قطع أصلية، أجابوه بأن السوق لا يحتوي إلا على نوعيات تجارية، ليُركب له قطع سيئة الجودة حسب وصفه.

ورغم التكلفة العالية التي دفعها – 500 دولار أجرة عمل و300 دولار لثمن القطع – عادت المشاكل نفسها للظهور بعد فترة قصيرة من الإصلاح، وهو ما اعتبره استغلالاً صريحاً.

“التقصيب”: أسلوب إصلاح بلا نهاية أو ضمان

يتحدث حسين عن تجربته بمرارة، مشيراً إلى غياب الضمير والشفافية لدى معظم ورشات الإصلاح، ويقول: “أطلقت على هذا النمط من العمل اسم ‘جماعة التقصيب’. تدخل لتبديل قطعة في السيارة، ليُقال لك إنها لا تعمل إلا مع قطع أخرى، ومع كل دفعة مالية يُقال لك إن العطل لم يُحل بعد. الأمر أشبه بلعبة، ولا تعلم إن كانت القطع فعلاً بحاجة إلى تغيير أو يتم استغلالك فقط”.
ويؤكد أن معظم الورشات لا تقدم أي ضمان بعد الإصلاح، ويقول: “تصلح العطل اليوم، فيعود نفسه بعد أيام قليلة”.

فوضى الأسعار ورداءة المواد في سوق قطع الغيار

يشير حسين إلى فوضى كبيرة في تسعير قطع الغيار، مستشهداً بمثال شخصي: “عندما تعطّل غطاس البنزين في سيارتي، قمت بجولة على عدة محلات، فوجدت أسعاراً متفاوتة: أحدهم يبيعه بـ10 دولارات، وآخر بـ12، وثالث بـ9 دولارات. لا يوجد سعر ثابت، والجودة متدنية”.
ويضيف أن أصحاب سيارات الأجرة هم الفئة الأكثر تضرراً من هذا الواقع، إذ أصبحت المصاريف تفوق الدخل اليومي، فيقول: “أعمل منذ الصباح حتى المساء بالكاد أجمع 200 ألف ليرة، أي ما يعادل 20 دولاراً. من هذا المبلغ أخصص 10 دولارات للمحروقات والزيت، ويبقى 10 دولارات فقط لمصاريف المنزل، وهي غير كافية”.
ويختم حديثه قائلاً: “عندما تواجه السيارة عطلاً، أفكر ألف مرة: هل أصلح السيارة وأتعرّض للنهب من الورشات؟ أم أؤمّن الطعام لأطفالي؟”

وجهة نظر أصحاب الورشات: الغلاء مصدره خارجي

في المقابل، يوضح أبو كمال، صاحب ورشة لتصليح السيارات في القامشلي، لمنصة سوريا 24، أن غلاء التصليح ليس من صنع أصحاب الورشات، بل نتيجة لعدة عوامل خارجة عن سيطرتهم. يقول: “سعر المحركات المستوردة اليوم يتراوح بين 700 إلى 2500 دولار حسب نوع وموديل السيارة، وهذه أسعار السوق، ولسنا من يحددها. نحن نتكبد أيضاً مصاريف إضافية لشحن المحركات إلى القامشلي”.

ويؤكد أن نسبة الربح الفعلية للورش لا تتجاوز 30% في معظم الأحيان، مضيفاً: “المشكلة الحقيقية في المورد الأساسي الذي يرفع السعر، وعندما تصل القطعة إلينا تكون تكلفتها مرتفعة أصلاً”.

ويشير إلى أن الأعطال المتكررة في السيارات تعود في جزء كبير منها إلى رداءة المحروقات والزيوت، قائلاً: “المازوت والبنزين المتوفران في السوق نوعيتهما سيئة جداً، وبعض الزيوت تُصنّع محلياً ضمن محافظة الحسكة، بينما يُستورد بعضها الآخر من كردستان العراق، لكنه غالٍ وقليل الطلب”.

تكاليف تشغيل مرتفعة وأعباء يومية على أصحاب الورش

يرى أبو كمال أن هناك ضغطاً كبيراً على أصحاب الورش من حيث النفقات التشغيلية، موضحاً أن الورش تتحمّل تكاليف عالية جداً، حيث قال: “إيجار المحل يصل إلى 400 دولار شهرياً، بالإضافة إلى أجور العمال والكهرباء (الأمبيرات)، ما يجعل مجموع المصاريف الشهرية يصل إلى نحو 800 دولار”.

كما أشار إلى أن قطع الغيار تأتي من مصادر متعددة كمنبج، حلب، وأحياناً من كردستان العراق، وهو ما يزيد من كلفتها بسبب طول الطريق وصعوبة النقل.

غياب الرقابة يفاقم أزمة صيانة السيارات

تُظهر الشكاوى المتزايدة من أهالي القامشلي وجود أزمة حقيقية في قطاع صيانة السيارات، تتشابك فيها العوامل الاقتصادية والتجارية والتنظيمية. وفي ظل غياب الرقابة، يصبح المواطن الحلقة الأضعف بين أسعارٍ متفلتة وجودة متدنية، وبين ورشات تعمل ضمن بيئة غير مستقرة اقتصادياً. وبينما يحمّل الزبائن الورشات مسؤولية الاستغلال، يرى أصحاب الورش أنهم ضحايا ارتفاع الأسعار في الأسواق، وسوء المواد المتوفرة، وتكاليف التشغيل المرتفعة.

مقالات ذات صلة