أطلقت مدينة حلب مؤخرًا مبادرة واسعة بعنوان “لعيونك يا حلب”، وهي حملة خدمية وتنموية تهدف إلى استعادة الوجه الجمالي للمدينة وإعادة تأهيل مرافقها الحيوية، خصوصًا في الأحياء المتضررة، وذلك بالتنسيق بين مجلس المدينة ومجلس المحافظة والدفاع المدني وعشرات الفرق التطوعية.
وتشمل الحملة خمس مبادرات متزامنة: تنظيف الأحياء وإزالة الركام، إعادة تأهيل الهوية البصرية، دعم البنية التحتية، تطوير المواقع السياحية والتاريخية، وتعزيز الأمن المجتمعي والرقمي.
وقال د. هيثم الهاشمي، المشرف على المبادرة، لمنصة سوريا 24 إنّ الأولوية في المبادرة تُعطى للأحياء الأكثر تضررًا بناءً على حجم الدمار ومستوى تعاون الأهالي ووجود خطط دولية أو أممية للتعافي المبكر.
ولفت إلى أن تصميم دوار الموت أعدته شركة خاصة بهدف تجميل المشهد البصري، وتم تعديل عدد الأبواب التاريخية فيه من ثمانية إلى تسعة بعد ملاحظات مديرية آثار حلب.
وبيّن الهاشمي أن الصعوبات تتمثل في تفاعل السكان ووعيهم، إضافة إلى نقص الأدوات والدعم اللوجستي، مؤكدًا أن هناك تعاونًا كبيرًا من شباب المدينة وجامعة حلب، وأن المجلس المحلي يعمل على سد النواقص وتأمين الاحتياجات.
وعن مبادرة “أماننا ومستقبلنا”، أوضح الهاشمي أنها محور أساسي في الحملة، وأنه يجري حاليًا العمل على تركيب كاميرات مراقبة بعد استكمال البنية التحتية، إلى جانب دراسة حلول لإنارة الشوارع، سواء بإصلاح الشبكات القديمة أو الاعتماد على الطاقة البديلة، مشيرًا إلى أن مستوى الأمان تحسن بفضل هذه الجهود وبالتوازي مع عمل قوى الأمن العام.
وفي سياق الخدمات، بيّن الهاشمي أن المبادرة ساهمت في دعم مستشفيات حلب بمستلزمات ضرورية وتوفير مواد طبية مهمة، إضافة إلى إطلاق خطة نظافة لثلاثة مشافٍ هي: مشفى التوليد، ومشفى حلب الجامعي، ومشفى الحميات، فضلًا عن إصلاح منظومة التغذية الكهربائية في مشفى الجامعة.
أما في مجال التعليم، فأطلقت الحملة مبادرة “عائدون” لترميم مدرسة ومسجد في بلدة ماير وتأهيل مضخة المياه هناك، بالتوازي مع التنسيق مع منظمات لتأهيل مدارس أخرى، داعيًا أبناء المدينة في الداخل والخارج إلى استمرار دعم هذه المبادرة الأهلية.
من جانبه، أوضح أحمد حلاق، منسق الحملة، خلال حديثه لمنصة سوريا 24، أن الفرق تبدأ العمل من الأحياء الأكثر تضررًا، حيث تستمر الأعمال في كل حي ما بين أسبوع وعشرة أيام، تبعًا لحجم الدمار.
وأوضح أن العمل يشمل فتح الشوارع ورفع آلاف الأمتار المكعبة من الأنقاض والقمامة، وتوزيع حاويات جديدة للنظافة، مشيرًا إلى أن فرق الحملة أنهت العمل في حي الصاخور وما حوله، وانتقلت إلى حي عين التل، كما أطلقت أعمال ترميم قلعة حلب وإعادة تصميم دوار الموت ليصبح بوابة جنوبية للمدينة، تتوسطها مجسمات تمثل تسعة من أبوابها التاريخية ضمن رؤية ثقافية مدروسة.
وشهد الأهالي بوضوح أثر هذه الأعمال، حيث قال أسامة محمد الحسن، أحد سكان حي الصاخور، إن الحياة عادت إلى الحي بعد سنوات من الإهمال: “الشوارع نظيفة، الركام أُزيل، والحاويات الجديدة خففت من تكدس القمامة”.
وأضاف خلال حديثه لمنصة سوريا 24: “نشعر اليوم أن هناك اهتمامًا حقيقيًا بالمدينة وأحيائها”.
ويستعد القائمون على الحملة لإطلاق مبادرات جديدة في مجالي التعليم والصحة، واستكمال أعمال التطوير في الدوارات المركزية والأحياء المتضررة، في مسعى لإعادة حلب إلى مكانتها كمدينة نابضة بالحياة.