تشهد محافظة حمص أزمة متفاقمة في تأمين مياه الشرب، مع تسجيل انخفاض غير مسبوق في منسوب مياه “عين التنور” – المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المدينة – بنسبة 44%، وهو أدنى مستوى تسجله منذ 80 عاماً، بحسب ما أعلنه مجلس محافظة حمص ومديرية المياه في بيان رسمي.
المطر لم يعد كما كان والجفاف يزداد
وأوضح المجلس في بيان، أن التغيرات المناخية والانخفاض المطرد في كميات الأمطار على مدى العقود الأربعة الماضية أسهما بشكل مباشر في تفاقم الأزمة، حيث انخفض معدل الهطول المطري بنسبة 40%، ما أثر بشكل كبير على تغذية الينابيع والآبار الجوفية.
وأكد المجلس أن ما تشهده حمص ليس أزمة محلية فقط، بل جزء من أزمة عالمية تهدد الأمن المائي، مشيراً إلى تقديرات تفيد بأن 1 من كل 4 أطفال حول العالم سيعيشون بحلول عام 2040 في بلدان تعاني من شح المياه.
دعوات لترشيد الاستهلاك: “كل قطرة مهمة”
وفي ظل تصاعد المخاوف من تفاقم الأزمة، دعت مديرية المياه في حمص المواطنين إلى ضرورة ترشيد الاستهلاك والإبلاغ عن أي حالة هدر للمياه، مؤكدة أن “كل قطرة مهمة”. وأطلقت حملة توعية تتضمن خطوات بسيطة يمكن أن تساهم في الحد من الهدر، مثل:
– إصلاح الصنابير والأنابيب التالفة.
– استخدام دلو بدل الخرطوم لغسل السيارات.
– إغلاق الصنبور أثناء تفريش الأسنان أو تنظيف الأواني.
– تجنب ري المزروعات بمياه الشرب.
– الامتناع عن حفر الآبار دون ترخيص رسمي.
سكان يشتكون الانقطاع ونداءات لإيجاد حلول بديلة
من جهته، قال عقبة زبن، أحد سكان حمص القديمة في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إن الأزمة باتت خانقة جداً، مشيراً إلى أن المياه لا تصل إطلاقاً إلى بعض المناطق مثل جب الجندلي وحمص القديمة منذ أكثر من شهر، وأن ضعف الضخ الحالي غير مسبوق ولا يمكن تحمّله.
وأضاف زبن أن معظم السكان اضطروا للاعتماد على صهاريج المياه لتأمين احتياجاتهم اليومية، مشيراً إلى أن سعر الصهريج الواحد يبلغ نحو 50 ألف ليرة سورية، وهو ما يشكل عبئاً مالياً كبيراً على العائلات.
واقترح زبن كحل إسعافي “إعادة تأهيل الآبار الموجودة في الأحياء السكنية لتخفيف الضغط عن شبكة المياه الرئيسية”.
دور المجتمع في مواجهة الأزمة
من جانبه، شدد أحمد فهد ديب، أحد أعضاء لجان الأحياء في حمص على أهمية التوعية المجتمعية، لا سيما من خلال المساجد والفعاليات المحلية.
وقال ديب في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “إن الخطر حقيقي ويهدد حياة الأهالي بشكل كبير جداً”، مؤكداً أنه لا حل حقيقياً في الوقت الراهن سوى بالالتزام بالتقنين والتوعية بقيمة المياه.
أزمة متصاعدة وحلول غائبة
تأتي هذه التحذيرات في وقت لم تُعلن فيه حتى الآن إجراءات حكومية واضحة أو خطة طوارئ لمعالجة الأزمة، بينما تزداد شكاوى المواطنين من الانقطاعات الطويلة وغلاء بدائل المياه، ما ينذر بمزيد من الضغط الاجتماعي والمعيشي على سكان المحافظة.
في ظل هذا الواقع، يبقى ترشيد الاستهلاك وحسن إدارة الموارد المائية من أهم الخطوات المتاحة للتخفيف من حدة الأزمة إلى حين إيجاد حلول جذرية أكثر استدامة.