في منزل متواضع بمدينة أعزاز شمالي حلب، تحتضن دار السلامة لرعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة عشرات الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل، فجمعهم المكان على اختلاف ظروفهم الجسدية والنفسية، بعد أن باتت الشوارع أو الخيام المتهالكة ملاذهم الوحيد.
يقول نزار النجار، مدير الدار لسوريا 24، إن عدد النزلاء حاليًا بلغ 36 نزيلًا، من مختلف الفئات، بعضهم مجهولي الهوية عُثر عليهم في العراء، عاجزين عن الحركة والكلام والسمع، وآخرون يعانون من الشلل الكامل أو النصفي، إلى جانب عدد من المصابين بأمراض نفسية وعقلية، بالإضافة إلى كبار سن ومعتقلين سابقين، لا يجدون من يرعاهم.
تأسست فكرة الدار عام 2013، إثر حادثة مؤلمة وقعت في مخيم باب السلامة، حيث احترقت خيمة كان بداخلها مسن يبلغ من العمر 80 عامًا. يقول النجار: “بعد أن استبدلنا الخيمة، تكفلت شخصيًا بمصروفه، ثم بدأت الحالات بالتزايد، فأنشأنا خيمة أشبه بمشفى ميداني، حتى بلغ عدد النزلاء آنذاك 15 شخصًا، قبل أن يهبّ أهل الخير لبناء أولى الغرف، لتتوسع الدار لاحقًا وتستقبل 45 نزيلًا”.
لكن في نوفمبر 2024، تم هدم المخيم بالكامل، ما اضطر القائمين على الدار للانتقال إلى مدينة أعزاز، واستئجار منزل مكون من تسع غرف، تكفّل المجلس المحلي بتغطية إيجاره بداية، ثم تدخلت مديرية الشؤون الاجتماعية لتغطية الإيجار لثلاثة أشهر، تنتهي مطلع الشهر الحالي. علمًا أن قيمة الإيجار الشهرية تبلغ 500 دولار.
كادر محدود واحتياجات مستمرة
يضم الكادر الوظيفي في الدار ثمانية موظفين يتناوبون على العمل بنظام 24 ساعة، ويتقاضى كل منهم بين 100 و150 دولارًا شهريًا، ويشمل الفريق: سائق، حارس، طباخ، معاون طباخ، مسؤول طبي، مسؤول غسيل، إضافة إلى شخصين لمتابعة النظافة والعناية الشخصية للنزلاء.
ويشير المدير إلى أن الدار تقدم لنزلائها ثلاث وجبات يوميًا، مع العناية بالنظافة الشخصية والملابس والغرف، فضلًا عن تقديم الأدوية والمتابعة في المشافي والعلاج الفيزيائي.
رغم هذا الجهد، يؤكد النجار أن الدار لا تحظى بأي دعم رسمي، وتعتمد بالكامل على تبرعات أهل الخير، لكن بالمجمل، تتراوح الكلفة التشغيلية الشهرية بين 4000 و4500 دولار، ما يضع الدار أمام تحدٍ دائم لتأمين الاحتياجات الأساسية.
نداء مفتوح لدعم الحياة
يختتم النجار حديثه بمناشدة عاجلة لأهل الخير، لتقديم المساعدة في تأمين المواد الغذائية، حفاضات كبار السن، والملابس اللازمة للمرضى، لاسيما مع انعدام الموارد وتزايد الاحتياجات.