مزارعو طرطوس يشكون الجفاف وغياب الدعم.. و”الموارد المائية” توضح

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

تشهد محافظة طرطوس، كغيرها من المحافظات السورية، موجة جفاف حادة هذا العام، أثرت بشكل كبير على الواقع الزراعي، ما دفع المزارعين إلى التعبير عن معاناتهم جراء شح المياه وانعدام الدعم اللازم لمواجهة الأزمة.

ويصرّ المزارعون على أن الجهود الخدمية المبذولة لا تكاد تلامس حتى خمسة بالمئة من الحاجة الفعلية، مشيرين إلى تسيّب في إدارة الموارد المائية، وغياب الدعم الحقيقي، وانكفاء شبه تام للجهات المعنية.

الجفاف شامل والمزارع وحيد أمام المأساة

وقال المزارع عبد الله أحمد في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “الجفاف هذا العام شامل على كل سوريا، وليس محصورًا بمنطقة دون أخرى، وما تفعله الموارد المائية لا يلبي ولا حتى خمسة بالمئة من احتياجات محافظة طرطوس، وبرأيي المتواضع، لا تُدار الموارد المائية بشكل صحيح”.

وتابع: “قنوات الري من السدود مهملة، والآبار الجوفية تعاني من الإهمال، وهناك هدر كبير في المياه، ما يؤثر بشكل مباشر على الفلاح ومحاصيله”.

وأوضح قائلاً: “أنا لدي بئر ارتوازي، والمياه فيه متوفرة، والحمد لله، لكنني لا أستطيع الاستفادة منها لأنني لا أملك القدرة على تركيب ألواح طاقة شمسية، فهي مكلفة جدًا، ولا يوجد أي مصرف أو جهة تموّل هذا المشروع”.

وزاد موضحاً: “أضطر لري أرضي عبر صهاريج مأجورة ومكلفة، ولا تكاد تكفي، فأنا أملك أكثر من عشرين شجرة مثمرة، ومع ذلك أعيش على حافة الخسارة”.

ولفت أحمد إلى أن اتحاد الفلاحين، فشبه غائب عن المشهد، يضاف إلى ذلك عدم وجود أي منظمات ولا أي جهة رسمية أو غير رسمية، تأتي لتتفقد أحوالنا أو تعرف ماذا نحتاج”.

واختتم حديثه بنداء موجّه للمسؤولين: “الدعم الزراعي الحقيقي لا يكون بتعقيد الإجراءات، بل بتسهيل القروض، وتوفير الطاقة، وضمان وصول المياه إلى الأرض، أما الآن، فالواقع يقول إن المزارع وحيد في معركته ضد الجفاف”.

الموارد المائية: خطة واسعة قادمة

في المقابل، يؤكد محمد محرز، مدير الموارد المائية في طرطوس في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن الوضع المائي يُدار بحذر، وأن هناك جهودًا حثيثة لدعم المزارعين في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها البلاد.

وأفاد بأن المديرية تعمل ضمن “مشروع تأهيل الآبار الجوفية”، بالتنسيق مع اتحاد الفلاحين، على تنفيذ أعمال تعزيل الآبار العربية في منطقة عين خضر – المنطار، وذلك “في إطار جهودها المستمرة لدعم الواقع الزراعي ومساعدة المزارعين على تجاوز تحديات الجفاف”.

وأوضح محرز أن المشروع يستهدف تعزيل 30 بئرًا عربيًا في المنطقة، وقد تم حتى الآن الانتهاء من تعزيل 20 بئرًا، مع استمرار العمل بوتيرة جيدة لاستكمال البقية.

وعن آلية استفادة المزارع من هذه الخطة، ذكر محرز أن: “الآبار المعزّلة تُسهم في تجميع المياه الراشحة من الطبقات الأرضية والينابيع المجاورة، ليُعاد ضخّها إلى الأراضي الزراعية عبر مضخات تُركّب خصيصًا لهذا الغرض، مما يدعم تأمين المياه في ظل ظروف الجفاف”.

ولفت إلى أن: “على المزارع تقديم طلب إلى الجمعية الفلاحية في منطقته، ثم يُحوّل إلى اتحاد الفلاحين في المحافظة، حيث يتم دراسة الطلب بالتنسيق مع مديرية الموارد المائية لتحديد إمكانية التنفيذ”.

وأعلن محرز عن خطة طموحة للتوسع قائلاً: “هناك خطة شاملة لتوسيع أعمال تعزيل الآبار الجوفية لتشمل مناطق زراعية أخرى في سهل عكار، ومن ضمنها:

– عرب الشاطئ

– الحميدية

– الخرابة

– بني نعيم

– الجماسة

– سمريان

– الشيخ جابر”

وأضاف بالقول: “نسعى من خلال هذه الخطة إلى تأمين مصادر ري إضافية ومستدامة تخدم أكبر عدد ممكن من المزارعين في المحافظة، ونأمل أن تساهم هذه المشاريع في تخفيف الأعباء عن كاهلهم”.

مفارقة بين الواقع والوعود

ورغم التصريحات الرسمية المتفائلة، تبقى المفارقة كبيرة بين ما يرويه المزارع العادي مثل عبد الله أحمد، وما تقدمه الإدارات المحلية.

فبينما تتحدث الموارد المائية عن “خطة شاملة” و”توسع مستقبلي”، يعيش المزارع اليوم على حافة الإفلاس، يدفع أموالاً طائلة لري أرضه بصهاريج مأجورة، بينما بئره الارتوازي لا يُستخدم بسبب غياب دعم الطاقة الشمسية.

كما أن غياب اتحاد الفلاحين عن الميدان، كما يشكو الأحمد، يطرح تساؤلات حول فاعلية هذه الهيئات في تمثيل المزارعين ونقل احتياجاتهم إلى صناع القرار.

دعم نظري ومعاناة فعلية

ويرى المزارعون، ومن بينهم المزارع عبد الله أحمد، أن الحل لا يكون بتعزيل آبار هنا وهناك، بل بإعادة هيكلة كاملة لإدارة الموارد المائية، ودعم حقيقي للمزارع عبر تمويل مشاريع الطاقة الشمسية، وتبسيط إجراءات القروض، وتفعيل دور اتحاد الفلاحين، إذ لا يمكن مواجهة الجفاف بمشاريع جزئية، ما لم تكن هناك إرادة حقيقية لإنقاذ المزارع السوري من الانهيار.

مقالات ذات صلة