حمص: جهود لمنع التنقيب والتعدي على الآثار في تدمر

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تواصل مدينة تدمر، إحدى أهم المدن الأثرية في العالم، جهودها لمكافحة ظاهرة التنقيب غير المشروع عن الآثار وتهريبها، في ظل تحذيرات رسمية وشعبية من خطورة هذه الجرائم على الهوية الحضارية للمدينة وتراثها الممتد لآلاف السنين.

وتزامناً مع تعميم جديد لوزارة الداخلية السورية، شدد خبراء ومهتمون بالشأن الأثري على ضرورة تفعيل إجراءات ميدانية عاجلة، تتضمن تعزيز الحراسة وإشراك المجتمع المحلي في جهود الإبلاغ والتوثيق.

إجراءات الإبلاغ والمشاركة الشعبية

محمد طه، الآثاري ومدير “مشروع البيت التدمري”، أوضح في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن أي مواطن يشتبه بوجود عملية تنقيب أو تهريب آثار، عليه إبلاغ الأمن العام فوراً، إلى جانب التواصل مع المهتمين بالشأن الأثري، سواء من العاملين السابقين أو النشطاء المحليين.

وأشار إلى أن مشروعه أسس مركزاً للتراث عمل على توثيق الانتهاكات التي طالت المدينة، من سرقة قطع أثرية أو تنقيب غير شرعي أو تدمير ممنهج، بالتعاون مع السلطات المحلية والإنتربول واليونسكو، ما ساهم في إحباط عمليات تهريب واسترداد قطع مخبأة داخل المدينة.

وأكد طه أن المشروع خصص مكافآت مالية لكل من يقدم معلومات دقيقة تؤدي لاسترداد أو منع تهريب الآثار، لافتاً إلى أن هذه المبادرة ساعدت في جمع بيانات قيّمة حول أماكن إخفاء بعض القطع.

الآثار هوية ورأسمال حضاري

وشدد طه على أن آثار تدمر ليست مجرد حجارة تاريخية، بل هي جزء من “الهوية البصرية الجمعية” لسكان المدينة، إذ نشأ معظمهم في قلب المدينة الأثرية قبل نقلهم إلى الموقع الحالي في الحقبة الفرنسية.

وأضاف أن الحفاظ على هذه الآثار هو حفاظ على الشخصية التدمريّة ذاتها، فهي رأسمال حضاري واقتصادي يمكن أن يسهم في نهضة المدينة مستقبلاً عبر السياحة الثقافية.

التحديات الأمنية والاقتصادية

وفي تقييمه لتعميم وزارة الداخلية الأخير، الذي دعا إلى تكثيف الدوريات لمراقبة المواقع الأثرية وضبط أعمال التنقيب، رأى طه أن الخطوة إيجابية من حيث المبدأ، لكنها لن تكون فعالة ما لم تُعزَّز بعناصر ميدانية واقعية، أهمها:
– زيادة عدد الحراس الغائبين عن المواقع الأثرية منذ “تحرير” المدينة، إذ يقوم النشطاء حالياً بالمراقبة بشكل غير رسمي وفي

أوقات محدودة.

– إعادة تفعيل دائرة آثار تدمر ومتحفها.
– تحسين الوضع الاقتصادي وخلق فرص عمل تحدّ من انخراط بعض الأهالي في أنشطة غير قانونية.
– تقديم مكافآت مالية مجزية لمن يسلّم القطع الأثرية أو يبلّغ عنها.

وأضاف أن أعمال التنقيب غير المشروع ما زالت قائمة، وإن تراجعت نسبياً، وهي تتم حالياً بعيداً عن الموقع الأثري الرئيسي.

التعميم الرسمي والتحذيرات

وزارة الداخلية السورية كانت قد أصدرت في نهاية تموز/يوليو الماضي تعميماً جاء فيه ضرورة “تكثيف الدوريات لمراقبة المواقع الأثرية، وضبط أعمال التنقيب غير المشروع، وحجز المعدات المستخدمة، وإلقاء القبض على الفاعلين وتقديمهم للجهات القضائية”، إضافة إلى تقديم الدعم الفوري للسلطات الأثرية في مكافحة الجرائم المنصوص عليها في قانون حماية الآثار.

كما شدد التعميم على مخاطر بيع وترويج أجهزة الكشف عن المعادن الثمينة، سواء في المتاجر أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

رسالة إلى المخالفين

من جانبه، وجّه خالد بهاء الدين، مدير “تنسيقية تدمر” في حديث لمنصة سوريا ٢٤، رسالة تحذيرية لما وصفهم بـ”أصحاب النفوس الضعيفة” ممن يعبثون بتاريخ المدينة، مؤكداً أن الآثار هي تاريخ تدمر وهويتها الحضارية، و”رأس مالها” الذي لن يُفرّط فيه المخلصون. وتعهد بملاحقة كل من يشارك في التنقيب أو التهريب وفضحهم، باعتبار ذلك واجباً وطنياً وأخلاقياً.

ووسط كل ذلك، تحاول تدمر، التي شهدت تدميراً واسعاً خلال سنوات الحرب على يد تنظيم “داعش” وأعمال قصف، تحاول اليوم إعادة بناء سياج الحماية حول إرثها العالمي، عبر تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع المحلي.

لكن الطريق لا يزال طويلاً، إذ تتطلب مكافحة هذه الظاهرة مزيجاً من الإجراءات الأمنية الصارمة، والحوافز الاقتصادية، والمشاركة الشعبية، لضمان أن تبقى آثار تدمر شاهدة على تاريخها، لا ضحية لجشع المهربين.

 

مقالات ذات صلة