أكد عدد من سكان مدينة حمص في حديث لمنصة، على تحسن وضع الكهرباء بزيادة ساعتين، إضافة إلى زيادة قوة التيار الكهربائي بعد أن كانت ضعيفة في بعض المنازل.
وفي خطوة تُعدّ من أبرز المنعطفات في مسار تعافي قطاع الطاقة في سوريا، وصل الغاز الطبيعي الأذربيجاني إلى محطة توليد الكهرباء في جندر بمحافظة حمص، في مؤشر على بدء تنفيذ اتفاقية توريد الغاز التي تم توقيعها بين سوريا وأذربيجان مؤخراً.
هذه الخطوة، التي تمت بحضور معاون وزير الطاقة لشؤون النفط غياث دياب ومحافظ حمص الدكتور عبد الرحمن الأعمى، تُعدّ نقلة نوعية في مساعي تحسين تغذية الشبكة الكهربائية، لا سيما في المناطق التي تعاني من أزمة كهرباء ممتدة لأكثر من عقد.
وأكد معاون وزير الطاقة غياث دياب أن وصول الغاز إلى المحطة يمثل “بداية جديدة” في مسار تطوير البنية التحتية للطاقة، مشيراً إلى أن “العمل جارٍ على تأمين مصادر طاقة متنوعة ومستدامة لتلبية الحاجة المتزايدة للمواطنين والقطاعات الإنتاجية”.
وأضاف أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة متكاملة لتحسين كفاءة محطات التوليد، وزيادة ساعات التغذية الكهربائية، ودعم الاقتصاد الوطني عبر تنشيط الصناعة والخدمات.
إعادة تأهيل العنفة البخارية: 90 ميغاواط إضافية قريباً
من جانبه، تحدث مدير شركة توليد كهرباء جندر، المهندس عبد الرحمن العلي، عن قرب اكتمال إعادة تأهيل العنفة البخارية الأولى في المحطة، والتي من المتوقع أن تضيف نحو 90 ميغاواط إلى الشبكة الوطنية.
وأوضح العلي في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن هذا الإنجاز سيعزز القدرة الإنتاجية للمحطة بشكل كبير، خاصة مع بدء تشغيل العنفة الغازية الأولى بالغاز الأذربيجاني، ما يسهم في تقليل الاعتماد على المحروقات السائلة ورفع كفاءة التشغيل.
1.4 مليون متر مكعب غاز أذري يومياً
وأشار معاون مدير الإدارة العامة للنفط والغاز، المهندس رياض الجوباسي، إلى أن محطة جندر ستستقبل بحدود 1.4 مليون متر مكعب من الغاز الأذربيجاني يومياً، سيتم استخدامها لتشغيل العنفة الغازية الأولى.
ولفت في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن هذا الحجم من الغاز سيمكن المحطة من زيادة إنتاجها بمقدار ساعتين إضافيتين من التغذية الكهربائية يومياً، في خطوة تُعدّ ملموسة على أرض الواقع.
وتأتي هذه التطورات في سياق تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين سوريا وأذربيجان في الـ12 من تموز/يوليو الماضي، والتي تنص على التعاون في مجالات الطاقة، وتوريد الغاز عبر تركيا.
وقد بدأت المرحلة الأولى من ضخ الغاز في الثاني من آب الجاري، بتمويل قطري، وتتضمن توريد نحو 3.4 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، تُخصص لتشغيل محطات التوليد العاملة على الغاز في مختلف أنحاء سوريا.
بين 8 و10 ساعات تغذية خلال الأيام القادمة
وأعلن وزير الطاقة والثروة المعدنية المهندس محمد البشير أن الوزارة تعمل على تأمين الغاز من مصادر متعددة، وأن توريد الغاز الأذربيجاني سيُسهم في رفع ساعات التغذية الكهربائية في عموم سوريا إلى ما بين 8 و10 ساعات يومياً خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأكد أن هذه الزيادة ستشمل جميع المحافظات، بمن فيها حمص التي تُعدّ من المحطات الإستراتيجية في الشبكة الكهربائية.
المواطنون يلاحظون تحسناً مبدئياً
على أرض الواقع، بدأ المواطنون في حمص ملاحظة تحسن ملموس في التغذية الكهربائية.
محمود أبو سليمان، أحد سكان مدينة حمص، أوضح في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن: “ساعات الكهرباء زادت بحدود الساعتين خلال الأيام الماضية، كما ازدادت قوة التيار في بعض المنازل التي كانت تعاني من ضعف التغذية”.
وأضاف: “الأهالي متفائلون جداً بهذه الخطوة، ونأمل أن تستمر الزيادة خلال الأشهر القادمة”.
وأكد أبو سليمان أن “زيادة ساعات الكهرباء لا تحسن الوضع المعيشي فحسب، بل تساهم بشكل مباشر في استمرار العمل في المعامل والمنشآت الصناعية، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي”.
لكنه ذكر أن شركة الكهرباء تواجه تحديات كبيرة، أبرزها تضرر شبكات التوزيع جراء سنوات الحرب، ونقص المحولات والمعدات الضرورية، ما يستدعي دعماً لوجستياً ومادياً كبيراً، خاصة في الأحياء المتضررة داخل المدينة وريفها.
انتظار موجة الحر: هل يظهر التحسن حقاً؟
من جهته، أبدى سليم طه، عضو لجنة الأحياء في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، تفاؤلاً حذراً، مشيراً إلى أن: “أي زيادة في الإنتاج يجب أن تنعكس إيجاباً على جميع المناطق، من خلال تخفيف الحمل وتحويل الفائض إلى الأحياء الناقصة”.
لكنه لاحظ أن: “الفرق لم يُلاحظ بعد بشكل واضح”، مرجعاً ذلك إلى “ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي إلى أعطال في الشبكة المتهالكة”.
وأضاف في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “في ما قبل 2011، كانت موجات الحر تسبب أعطالاً كهربائية متكررة، واليوم الوضع أسوأ بسبب تدهور البنية التحتية، لذلك، نحن ننتظر انتهاء موجة الحر الحالية، وعندها فقط يمكن تقييم مدى التحسن الحقيقي في تغذية الكهرباء”.
تحديات البنية التحتية تهدد الاستفادة القصوى
ورغم التفاؤل بوصول الغاز وزيادة الإنتاج، تبقى التحديات الفنية واللوجستية عقبة أمام الاستفادة القصوى من هذه الزيادة. فشبكات التوزيع في حمص، كما في معظم المدن السورية، تعاني من التقادم والدمار، ما يجعلها غير قادرة على استيعاب الزيادة في التغذية دون حدوث انقطاعات أو أعطال.
ويؤكد الأهالي في حمص على الحاجة ماسة لاستبدال المحولات، وإعادة تأهيل خطوط الضغط المتوسط والمنخفض، وتأمين معدات صيانة دورية.
خطوة إيجابية لكن التحديات لا تزال كبيرة
وصول الغاز الأذربيجاني إلى محطة جندر يُعدّ إنجازاً تقنياً وسياسياً مهماً، يفتح الباب أمام تحسين تدريجي في واقع الكهرباء في سوريا. ومع اكتمال إعادة تأهيل العنفة البخارية وتشغيل العنفة الغازية، تُتوقع زيادة حقيقية في ساعات التغذية، تصل إلى ساعتين إضافيتين في حمص، وربما أكثر في باقي المحافظات.