أسماء ورفاقها من المكفوفين يتحدّون الحرب في شمال سوريا ويواصلون تعليمهم

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

في مدينة مارع بريف حلب، تفتح الشابة أسماء عترو (مواليد 2004) صفحة جديدة في حياتها، بعدما خطف منها قصفٌ سابق نور بصرها وألقى بها في دوامة من الخوف والانقطاع عن الدراسة. تقول أسماء: “بعد الإصابة، كنت أظن أن العودة لمقاعد الدراسة أمر مستحيل، لكن افتتاح معهد للمكفوفين، إضافة إلى الدروس التي قدمتها جمعية نبض بلا حدود، شجعني على البدء من جديد، وندمت أنني لم أخطُ هذه الخطوة منذ وقت طويل”.

لم تكن رحلة التعلم سهلة، فالمواد العلمية مثل الرياضيات مثّلت تحديًا مضاعفًا لكونها تعتمد على القلم والورقة، لكن التحدي الأكبر، كما تقول، كان نفسيًا: التوتر، وضغط الاندماج في عالم جديد، والتأقلم مع أسلوب الامتحانات المخصص للمكفوفين. ومع ذلك، استطاعت التغلب على هذه المخاوف، ونجحت في الصف التاسع، لتبدأ حلمها بإكمال التعليم الثانوي.

نجاح أسماء لم يكن قصة فردية، بل جزءًا من مشهد أوسع، إذ تمكن سبعة طلاب مكفوفين، بينهم مصابون في الحرب ومن كلا الجنسين، من اجتياز الصف التاسع بتفوق، بدعم من جمعية نبض بلا حدود العاملة في مناطق إدلب، والتي كرّست جهودها لتحويل الكتب المدرسية إلى ملفات صوتية، وتوفير دورات تعليمية وتدريبية للمكفوفين وضعاف البصر.

يقول عبد الكريم الخنوس، مدير مكتب التعليم في جمعية نبض : “بدأت رحلة جمعية نبض في الأول من سبتمبر 2023، استجابة لمعاناة أحد أعضائها الذي فقد بصره، ومن هنا وُلدت الجمعية حاملةً رسالة دعم وتمكين المكفوفين ومصابي الحرب، ليكون لهم دور فاعل في المجتمع”.

وقد سجّلت الجمعية حتى الآن 93,593 صفحة صوتية وأعادت صياغة أكثر من 41,000 صفحة من ملفات PDF إلى صيغة Word لتسهيل وصول المعرفة، كما أطلقت منصة “شعاع الأمل” لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، وأنشأت حلقات “رياض القرآن” لتعليم القرآن الكريم.

وعلى الصعيد التنموي، نفذت الجمعية برامج تدريبية أبرزها مشروع “سين” الذي جمع المتطوعين والمستفيدين في ورش عمل تفاعلية، شملت تدريب المجتمع على التعامل مع ذوي الإعاقة البصرية، ودورات لتعليم استخدام الهواتف الذكية للمكفوفين، إيمانًا بأن التكنولوجيا جسر نحو الاستقلالية.

ورغم ما حققته من إنجازات، تواجه الجمعية تحديات مادية وتقنية تهدد استمرارية عملها، إلا أن عزيمة كوادرها والمتطوعين تبقى أقوى من الصعوبات. فهؤلاء لا يرون في فقدان البصر نهاية الطريق، بل بداية مسار جديد من النور الداخلي الذي يقودهم نحو مستقبل أكثر إشراقًا.

مقالات ذات صلة