تعيش بلدة العتيبة في ريف دمشق الشرقي أزمة مائية خانقة، وسط استمرار انقطاع مياه الأنهار المغذية للمنطقة منذ سنوات، وتراجع منسوب المياه الجوفية بفعل الجفاف وقلة الأمطار، ما انعكس بشكل مباشر على الزراعة وحياة السكان.
أهالي البلدة يؤكدون أن خطي المياه المعالجة المعروفين بـ”البي سي 1″ و”البي سي 2″، اللذين يمران من جهة المنطقة الصناعية، لا يصلان نهائياً إلى العتيبة، إذ ينتهي مسارهما عند طرف بحيرة العتيبة دون أن يتدفقا إلى النهر الذي تعتمد عليه البلدة في الري. والمياه التي تصل إلى أطراف البحيرة، وفق الأهالي، غير صالحة للزراعة ولا يمكن معالجتها للاستخدام الزراعي.
خلال الأسابيع الماضية، ترددت شائعات عن استفادة أنهار العتيبة من مياه الغوطة الشرقية، إلا أن ناشطين وأهالي نفوا ذلك بشكل قاطع. أحمد الكيلاني، ناشط إعلامي وأحد سكان البلدة، أوضح أن “الحكومة ضخت في مطلع تموز الماضي مياه نهر بردى باتجاه الغوطة الشرقية، لكنها لم تصل إلى العتيبة إطلاقاً، وبقيت أنهارها جافة، باستثناء وصول كميات قليلة جداً إلى الجهة الغربية من البلدة، الأمر الذي أثر بشدة على الحقول التي لم تُروَ منذ سنوات”.
وبحسب الأهالي، فإن المنازل في العتيبة تعتمد حالياً على مياه الآبار الجوفية، وهي شحيحة ولا تكفي لتلبية احتياجات السكان، في ظل معاناة مشابهة تعيشها معظم بلدات الغوطة الشرقية، إلا أن الوضع في العتيبة أكثر حدة بسبب توقف موارد المياه السطحية التي كانت تمثل شريان الحياة للزراعة.
رئيس بلدية العتيبة، شاهر الشايب، في تصريح خاص لمنصة سوريا 24، قال: “نعاني منذ سنوات من انقطاع المياه السطحية تماماً عن البلدة، واعتمادنا الأكبر أصبح على الآبار الجوفية التي تراجع منسوبها بشكل خطير نتيجة الجفاف وقلة الأمطار في الشتاء الماضي. المزارعون خسروا معظم أراضيهم بسبب غياب الري، وهناك مخاوف من هجرة المزيد من العائلات إذا استمرت الأزمة. طالبنا الجهات المعنية أكثر من مرة بإيجاد حلول عاجلة لإيصال المياه الصالحة للزراعة إلى العتيبة، لكن حتى الآن لم نتلق أي استجابة عملية”.
وأضاف في تصريحه أن أزمة المياه لا تقتصر على انقطاع الأنهار، بل تمتد أيضاً إلى واقع الآبار الجوفية وشبكة التوزيع داخل البلدة، قائلاً: “الآبار في العتيبة بحاجة ماسة إلى الترميم وإعادة التأهيل، كما أن معظم الخزانات تحتاج إلى إعادة بناء أو إنشاء خزانات أرضية جديدة. طول شبكة المياه داخل البلدة يصل إلى نحو 50 كيلومتراً، وهذا يجعل من الصعب على الغطاسات ضخ المياه بشكل كافٍ لتغطية كامل الشبكة، ما يستدعي إنشاء أحواض تجميع أو خزانات مرتفعة لتغذية الشبكة وضمان وصول المياه إلى جميع المنازل.
يشرح “لدينا آبار محطة التحلية معطلة بالكامل، ونحتاج إلى حفر آبار جديدة، إضافة إلى أن الخزان القريب من مبنى البلدية يتطلب إعادة إنشاء. واقع مياه الشرب في البلدة سيئ للغاية، إذ يضطر نحو نصف السكان إلى شراء المياه من الصهاريج، ورغم وعود مؤسسة المياه بالعمل على تشغيل بعض الآبار، إلا أننا حتى الآن لم نرَ أي خطوات ملموسة على أرض الواقع”.
ويحذر أهالي البلدة من أن استمرار هذه الأزمة سيؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي بشكل كامل في العتيبة، ويضاعف من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على سكانها، خاصة أن البلدة كانت تعد من المناطق الزراعية المهمة في الغوطة الشرقية قبل اندلاع الحرب وتراجع الموارد المائية.