تشهد مدينة منبج أزمة مياه حادة تستمر منذ أشهر، حيث يعاني السكان من انقطاعات طويلة قد تصل إلى أسبوع كامل، ما دفع الكثيرين إلى شراء صهاريج المياه أو اللجوء لحفر آبار ارتوازية لتأمين احتياجاتهم اليومية. تأتي هذه الأزمة في ظل انقطاع متكرر للكهرباء، مما يمنع سكان الطوابق العليا من تعبئة خزاناتهم بسبب عدم القدرة على تشغيل مضخات الدفع.
في حديث خاص لمنصة سوريا 24، روى أحمد إسماعيل الخمري معاناته قائلاً: “نحن في فصل الصيف والاستهلاك مرتفع، والعائلة كبيرة. منذ ثمانية أشهر ونحن بلا عمل وحركة البلد واقفة، فصار شراء الصهاريج عبئًا إضافيًا. لذلك قررنا أنا وجيراني حفر بئر أمام البناية للتخفيف من المصروف وضمان تأمين المياه”.
كما استذكر مصعب الحسين في تصريح لسوريا 24 فترة انقطاع المياه التي دامت ستة أشهر بعد تحرير منبج، قائلاً: “اضطررنا للاعتماد على الصهاريج، كثير منها لم يكن يجلب ماءً نظيفًا، بل من مصادر ملوثة في الريف مثل منطقة المنكوبة، وهي مياه غير صالحة للشرب وتسبب أمراضًا. أنا أسكن في الطابق الرابع، وعندما تأتي المياه لا يكون هناك كهرباء، وجيراني الذين يملكون طاقة شمسية يسحبونها كلها، فأضطر لشراء صهريج كل ثلاثة أيام. حتى المستشفيات امتلأت بحالات تسمم وأمراض كلوية بسبب المياه الملوثة”.
من جانبه، أوضح المهندس أحمد هارون، مسؤول العلاقات العامة والمتابعة في إدارة منطقة منبج، خلال حديثه لسوريا 24 أن أسباب الانقطاعات متعددة، أهمها قدم محطة الضخ التي يعود عمرها لأكثر من 42 عامًا، مشيرًا إلى أن المضخات خضعت مؤخرًا لصيانة ميكانيكية في حلب، لكن ما زالت هناك أعطال كهربائية تعمل المؤسسة على معالجتها وسط تحديات كبيرة. وأضاف أن انقطاع التغذية من محطة مسكنة – الخارجة عن سيطرة الدولة – أجبر المؤسسة على الاعتماد على خط احتياطي من محطة “كويس”، ما تسبب بهبوط الجهد الكهربائي وفصل المحركات، وهو ما يتيح تشغيل مضختين فقط من أصل أربع.
وأكد هارون لسوريا 24 أن ضعف الموارد المائية يفرض برنامج تقنين صارم، حيث يتم تغذية نصف ريف منبج لمدة 12 ساعة والنصف الآخر لـ16 ساعة، مع محاولة إبقاء ضخ المياه إلى أحياء المدينة لأطول فترة ممكنة. كما أشار إلى قدم الشبكة ووجود مئات التجاوزات التي تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين لإزالتها، داعيًا الأهالي للتعاون في كشف أماكن المخالفات.
وكشف المسؤول عن خطتين لتحسين الوضع المائي، الأولى خطة عاجلة لإنشاء خط رديف لتعزيز الحصة المائية للفرد، والثانية خطة استراتيجية لإنشاء محطة ضخ جديدة من بحيرة سد تشرين، موضحًا أن تنفيذ الأخيرة بحاجة إلى دراسات وتمويل ووقت طويل.
وختم هارون حديثه لسوريا 24 قائلاً: “المياه اليوم ثروة قومية، والعدالة في التوزيع هدفنا، لكن تجاوز الأزمة يتطلب صبرًا وتعاونًا من الجميع”.