دولت الخليل.. شابة من حمص تمزج بين التصميم والخط العربي لتروي حكاية الوطن على الأقمشة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

في قلب مدينة حمص، حيث تركت الحرب آثارها على الحجر والبشر، نجحت الشابة السورية دولت الخليل في تحويل الخوف والحزن إلى فن نابض بالحياة، يمزج بين التصميم العصري وفن الخط العربي، ليحمل رسائل عن الجمال والوطن والهوية.

دولت، خريجة اقتصاد، علوم مالية ومصرفية، درست أيضاً الأدب الإنجليزي حتى السنة الثالثة، وتابعت شغفها بالأزياء من خلال دورات تصميم عبر الإنترنت. ومنذ طفولتها كانت تمسك بالقلم والفرشاة، وتعدل ملابسها لتجعلها أكثر تميزاً وتعكس شخصيتها، قبل أن تتحول هذه الموهبة قبل تسع سنوات إلى مهنة متكاملة.

تقول دولت لـ”سوريا 24″: “ظروف الحرب القاسية دفعتني إلى اللجوء للفن كعلاج نفسي من الخوف المتواصل والضغط والحزن. بدأت بالرسم على الملابس، ولاقت أعمالي إعجاباً فورياً خاصة من السوريين المغتربين، ثم انتقلت لاحقاً لتصميم قطع خاصة (Custom-made) تُفصل لكل زبون حسب شخصيته وذوقه”.

ورغم أنها ليست خطاطة، فإن دولت وظفت الخط العربي ببراعة في تصاميمها، لما يحمله من قيمة ثقافية وهوية عربية أصيلة. تختار كلمات وأبيات شعرية عن الجمال والوطن، وتدمج معها عناصر تراثية سورية مثل الياسمين الشامي، زهرة القطن، الزخارف الهندسية، وفن القيشاني الدمشقي. تقول: “أردت أن تكون تصاميمي أكثر من مجرد قيمة بصرية، بل رسائل تحمل أثراً في النفوس”.

مشروعها، الذي بدأ صغيراً في مرسمها المنزلي، واجه تحديات قاسية، من صعوبة تأمين المواد المستوردة بأسعار مضاعفة بفعل الحصار الاقتصادي، إلى مشاكل الشحن للخارج، وانقطاع الكهرباء، وصولاً لفترات الركود الاقتصادي التي طالت معظم الأعمال. ورغم ذلك، بقيت دولت في حمص حتى في أصعب أوقات القصف والحصار، ترسم مباشرة على القماش مستخدمة فرشاً وألواناً خاصة، متمسكة بحلمها.

تميزت أعمالها بقدرتها على تحقيق انسجام بين الطابع العصري والروح الشرقية في كل تصميم، دون أن يطغى أحدهما على الآخر. وهي ترى أن إضافة الخط العربي للملابس الرسمية يحتاج إلى دقة وتخطيط حتى لا يتحول العمل إلى مجرد لافتة طرقية، بل إلى قطعة فنية متكاملة.

اليوم، تواصل دولت الخليل عملها من حمص، متمسكة برسالتها الفنية التي ترى فيها جسراً بين الماضي والحاضر، ونافذة لتعريف العالم بجماليات التراث السوري والعربي، عبر أقمشة تنطق بحكايات الوطن.

قصة دولت ليست مجرد رحلة شخصية، بل مرآة لآلاف السوريين الذين حوّلوا الألم إلى فن، والخراب إلى فرص للابتكار، متمسكين بهويتهم وجذورهم في مواجهة العواصف. ففي كل قطعة تصممها، ينبض قلب سوريا ويصل صداه إلى العالم، ليقول إن الجمال يمكن أن يولد حتى من قلب الركام.

مقالات ذات صلة