ملف السويداء على الطاولة.. مباحثات ثلاثية في عمان لتثبيت الاستقرار في سوريا

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

في خطوة دبلوماسية بارزة، استضافت الأردن، أمس الثلاثاء، اجتماعاً ثلاثياً مشتركاً بين الأردن وسوريا وواشنطن، لمناقشة الأوضاع الراهنة في سوريا وسبل دعم عملية إعادة بنائها على أسس متينة تضمن أمنها واستقرارها وسيادتها ووحدتها، مع الحرص على عدم التدخل في شؤونها الداخلية.

ويأتي هذا اللقاء كاستكمال لمباحثات سابقة عقدت في عمان يوم 19 تموز/يوليو الماضي، والتي ركزت على تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء وحل الأزمة فيها.

ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية، سعى الاجتماع إلى تلبية طموحات الشعب السوري وحفظ حقوق جميع أبنائه، في سياق يعكس التزاماً مشتركاً ببناء “سوريا الجديدة” نحو مستقبل آمن لكل مواطنيها.

وأكد المجتمعون على أن محافظة السويداء، بكل مكوناتها المحلية، تشكل جزءاً أصيلاً من الجمهورية العربية السورية، مع التأكيد على ضمان حقوق أبنائها في مسيرة إعادة البناء، وتمثيلهم ومشاركتهم في صياغة المستقبل السوري.

أبرز الملفات المناقشة

وكان ملف محافظة السويداء محورياً في المناقشات، حيث ركز الاجتماع على تثبيت وقف إطلاق النار وحل الأزمة هناك، مع النظر في التحديات الأوسع التي تواجه سوريا. رحبت الأردن والولايات المتحدة بخطوات الحكومة السورية الإيجابية في هذا السياق، والتي شملت عدة إجراءات ملموسة:

– إجراء تحقيقات كاملة ومحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات في السويداء، مع الاستعداد للتعاون مع هيئات الأمم المتحدة وإشراكها في مسار التحقيق.

– زيادة دخول المساعدات الإنسانية لجميع مناطق المحافظة بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة.

– تكثيف عمل المؤسسات الخدمية لاستعادة الخدمات المتضررة جراء الأحداث.

بدء عمليات إعادة تأهيل المناطق المتضررة.

– الترحيب بإسهامات المجتمع الدولي لدعم هذه الجهود، وإسناد جهود الحكومة السورية في إعادة النازحين إلى مناطقهم.

– الشروع في مسار المصالحات المجتمعية وتعزيز السلم الأهلي، مع الإشادة بالدعم الأردني والأمريكي في هذا المجال.

بالإضافة إلى ذلك، امتدت المناقشات إلى قضايا أوسع مثل التصدي للاعتداءات الإسرائيلية ومحاولة تحجيم أثر إسرائيل على الاستقرار في المنطقة بشكل عام.

ملف السويداء من القضايا الرئيسية

من جانبه، أكد مصدر خاص في وزارة الخارجية الأمريكية لمنصة سوريا 24: “كان ملف السويداء بالتأكيد من القضايا الرئيسية التي تم مناقشتها، إضافة إلى استعراض الوضع الحالي وتحديد أفضل طريق للمضي قدمًا، وكنت آمل في إحراز تقدم إيجابي نحو حل سياسي، لكن لا أتوقع حدوث اختراق كبير في اجتماع عمان”.

سحب الذرائع من إسرائيل

وقال قتيبة إدلبي، مدير إدارة الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية السورية في حديث لمنصة سوريا 24: “الاجتماع للبحث في كيفية التصدي للاعتداءات الإسرائيلية ومحاولة تحجيم أثر إسرائيل للاستقرار في المنطقة بشكل عام، وكان ملف السويداء كان ضمن هذا الإطار ومحاولة حل هذا الملف لسحب الذرائع من إسرائيل ومحاولة زعزعة الاستقرار في سوريا والمنطقة”.

الهدف من الاجتماع

ويهدف الاجتماع إلى تعزيز التعاون الثلاثي لدعم عملية إعادة بناء سوريا، مع التركيز على الحفاظ على وحدتها وسيادتها. جدد الصفدي وباراك تضامن بلديهما الكامل مع سوريا، ودعوا المجتمع الدولي للوقوف إلى جانبها في جهود إعادة البناء وفق أسس تضمن أمنها واستقرارها.

كما اتفق الأطراف على عقد اجتماع جديد خلال الأسابيع المقبلة، وتلبية طلب الحكومة السورية بتشكيل مجموعة عمل ثلاثية (سورية – أردنية – أمريكية) لدعم جهود تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء وإنهاء الأزمة فيها.

ويعكس هذا الهدف رغبة مشتركة في حل النزاعات دبلوماسياً، خاصة في ظل التدخلات الإقليمية، وتعزيز السلم الأهلي لضمان مشاركة جميع المكونات في صياغة المستقبل.

الانعكاسات والتحليل

ويُعتبر اجتماع عمان خطوة إيجابية في مسار الاستقرار السوري، خاصة بعد أحداث السويداء التي أثارت مخاوف بشأن تأثيرها على العلاقات بين الولايات المتحدة والإدارة السورية الجديدة.

ووفقاً للمحلل السياسي عبد الله زيزان في حديث لمنصة سوريا 24، فإن: “اجتماع عمان الذي ضم الأردن وسوريا والولايات المتحدة الأمريكية كان اجتماعا مثمرا وكانت النتائج جيدة خاصة بعد أحداث السويداء التي ظن البعض أنها ستؤثر على العلاقة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والإدارة السورية الجديدة، لكن واضح أن الإدارة الأمريكية على اطلاع جيد على كل الأحداث في سوريا وخصوصا في السويداء بالإضافة إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لذلك كان رد الفعل الأمريكي إيجابيا وكان هناك توصيات عادلة بخصوص ملف السويداء وزيادة المساعدات لهذه المدينة بالإضافة إلى محاسبة المجرمين من كل الأطراف، حيث كانت هناك انتهاكات جسيمة من قبل ميليشيات الهجري بالإضافة الى بعض القوات المنفلتة من القوات الرديفة لقوى الأمن”.

وأضاف: “التقييم الكلي يشير إلى أن هناك رغبة أمريكية لا زالت ثابتة في استقرار سوريا وازدهارها وإدخال المزيد من الاستثمارات إليها حتى تصبح سورية مستقرة ودولة مركزية ولها دور في مستقبل المنطقة ككل وليس فقط في مستقبل سوريا”.

وبالنسبة لأحداث الجنوب السوري، رأى أن “هذه الأزمة في طريقها إلى الحل من خلال العمل الدبلوماسي، واضح أن مشكلة السويداء لن تحل بشكل عسكري ليس لعجز الإدارة السورية الجديدة التي استطاعت أن تدخل إلى منتصف مدينة السويداء خلال ساعات، لكن بسبب التدخلات الإقليمية، لا سيما الكيان الصهيوني”.

وأعرب عن اعتقاده بأن الحل الدبلوماسي هو الطريق الأمثل طالما أن الرغبة الغربية لا زالت حتى هذه اللحظة تتقاطع مع الرغبة السورية في بقاء سوريا كيانا موحدا، الحل الدبلوماسي هو الذي سيسود تلك المنطقة وأعتقد أن اجتماع عمان اليوم كان جزء من حل هذه الأزمة وربما في الاجتماعات القادمة سيكون الحل النهائي، إذ لابد أن تكون الإدارة السورية متحكمة في كامل الملف السوري ولابد أن يتم حصر أدوات العنف في يد الحكومة السورية، فلا يجوز أن يبقى السلاح منفلتا بيد فصائل وميليشيات وحتى العشائر وغيرها من القوى المحلية”.

وتشير الانعكاسات إلى تعزيز الثقة بين الأطراف، مع إمكانية جذب استثمارات دولية لإعادة الإعمار، وتقليل التدخلات الخارجية، كما يفتح الباب لاجتماعات مستقبلية قد تحقق اختراقات أكبر، خاصة في ملف السويداء، مما يعزز الاستقرار الإقليمي.

ووسط كل ذلك، يعكس الاجتماع التزاماً مشتركاً بمسار دبلوماسي يركز على الوحدة السورية والمصالحة الداخلية، وسط تحديات مستمرة.

مقالات ذات صلة