داخل قسم الإسعاف في أحد مشافي القامشلي بمحافظة الحسكة، يقف المسعف محمود محاطًا بثلاثة مرضى يعانون من أعراض ضربات الشمس، أحدهم طفل في التاسعة يتنفس بصعوبة، وامرأة مسنّة تشكو من دوار شديد، ورجل خمسيني فاقد الوعي على سرير متحرك، المراوح القديمة تدور ببطء، فيما يحاول الكادر الطبي التعامل مع الحالات بما توفر لديهم من إمكانيات محدودة.
منذ بداية أغسطس/آب الجاري، تتعرض مدينة القامشلي، كباقي المناطق السورية، لموجة حر شديدة دفعت بدرجات الحرارة إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الإصابات المرتبطة بالحرارة، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفًا: الأطفال وكبار السن والعمال الميدانيين.
طبيب الطوارئ في المشفى، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال لموقع سوريا 24: إن “الضغط كبير جدًا على القسم، في بعض الأيام نستقبل أكثر من خمسين حالة، وهو رقم يفوق طاقتنا الاستيعابية، خصوصًا في ظل نقص الكوادر والمعدات”، مشيرًا إلى أن بعض المرضى ينتظرون لساعات قبل تلقي العلاج، ما يرفع خطر المضاعفات.
مع ضعف التهوية في معظم الأقسام، يلجأ بعض الأهالي إلى نقل ذويهم إلى المشافي الخاصة، لكن التكلفة المرتفعة تجعل هذا الخيار صعبًا على كثيرين.
أبو أحمد، وهو والد أحد المرضى، قال: “دفعنا أكثر من 200 ألف ليرة لمعاينة وعلاج أولي، وهذا يفوق قدرتنا، لكننا لم نجد بديلًا”.
غياب حملات التوعية زاد من خطورة الموقف، إذ لا يدرك كثير من السكان علامات الإنذار المبكر لضربات الشمس أو كيفية الوقاية منها، حيث تساهم هذه الفجوة في الوعي في تأخر وصول المرضى للعلاج، ما يزيد من الحالات الحرجة.
يطالب أهالي القامشلي بتدخل عاجل من قبل الجهات الصحية الموجودة في المدينة عبر توفير دعم فني ولوجستي للمشافي العامة، وإنشاء نقاط إسعاف ميدانية في المناطق الأكثر تضررًا، إضافة إلى توزيع مياه الشرب والوسائل البسيطة للتبريد في الأحياء الفقيرة.
في الوقت الراهن، تبقى الجهود الطبية متركزة على إنقاذ الأرواح بالأدوات المتاحة، لكن استمرار موجة الحر دون إجراءات عاجلة قد يضع مدينة القامشلي أمام أزمة صحية أكبر، يصعب السيطرة عليها مع محدودية الإمكانيات.