تضمن تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا توثيقًا شاملاً لأحداث العنف في الساحل وغرب وسط البلاد خلال الأشهر الماضية، وأشار التقرير إلى أن موجة العنف، التي بلغت ذروتها في مجازر أوائل آذار/مارس، استهدفت بالدرجة الأولى المجتمعات العلوية وأسفرت عن مقتل نحو 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، بينهم نساء وأطفال وكبار سن وذوو إعاقة.
كما وثّق التقرير ارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القضاء، وتعذيب، وإساءة معاملة الموتى، ونهب واسع، وحرق منازل، ودفن جثث في مقابر جماعية دون توثيق، ومنع العائلات من دفن ذويها وفق الطقوس الدينية، مع تسجيل أنماط عنف متسقة على أساس الانتماء الديني والعمر والجنس.
ورغم أن قوات الحكومة المؤقتة تدخلت في بعض الحالات لإجلاء المدنيين ومنع الانتهاكات، أشار التقرير إلى أن بعض الفصائل المدمجة حديثاً ارتكبت انتهاكات ممنهجة، داعيًا إلى فصل المشتبه فيهم من الخدمة وتوسيع عمليات الفرز الأمني.
كما أوصى التقرير المجتمع الدولي بدعم الحكومة السورية المؤقتة في تنفيذ التوصيات، ورفع ما تبقى من العقوبات، مع التأكيد على ضرورة الإسراع في محاكمة الجناة، وإصلاح القضاء، وضمان حماية المدنيين ومنع تكرار الانتهاكات.
رحّبت وزارة الخارجية والمغتربين السورية في بيان رسمي بتقرير لجنة التحقيق الأممية، معتبرة أنه تضمن جوانب إيجابية تؤكد التزام الحكومة السورية المؤقتة بالشفافية والمساءلة.
وأكد البيان، الموجه إلى رئيس اللجنة باولو سيرجيو بينهيرو، أن الحكومة اتخذت “خطوة استثنائية” بعدم الاعتراض على تجديد ولاية لجنة التحقيق في مجلس حقوق الإنسان، ما مكّن من اعتماد القرار بالإجماع لأول مرة في التاريخ السوري الحديث.
وأشار البيان إلى أن السلطات السورية وفّرت للجنة الأممية وصولًا “غير مسبوق ودون أي قيود” إلى المناطق المتأثرة بالعنف، معتبرًا أن هذا التعاون يعكس رغبة دمشق في بناء شراكات قائمة على الاحترام المتبادل.
وأكدت الخارجية أن الحكومة تعاملت بجدية مع ادعاءات الانتهاكات الواردة في التقرير، مشيرة إلى أن نتائج اللجنة الأممية تتطابق في عدة نقاط مع ما توصلت إليه “اللجنة الوطنية المستقلة” المكلفة بالتحقيق داخليًا، والتي أحالت بالفعل أسماء عشرات المشتبه فيهم إلى النيابة العامة.
كما رحّب البيان بإشارة التقرير إلى عدم وجود دليل على سياسة أو توجيه حكومي بارتكاب جرائم، بل إصدار أوامر واضحة لمنع الانتهاكات، معتبرًا أن ذلك يتناقض مع ما وصفه بـ”الاستنتاجات المتسرعة” لبعض المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام.
وختمت وزارة الخارجية بيانها بالتأكيد على أن توصيات اللجنة الأممية، إلى جانب توصيات “اللجنة الوطنية المستقلة”، ستشكلان معًا “خارطة طريق” لتعزيز العدالة والمساءلة في البلاد، مشددة على استمرار التعاون مع لجنة التحقيق والمجتمع الدولي على أساس احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها.