يصطف المئات من الشبان في طابور التسجيل للانتساب إلى قوى الأمن الداخلي والشرطة في مدينة عفرين، وسط تطلعات نحو بناء جهاز أمني أكثر انضباطاً وفعالية عسكرية.
هذا الإقبال يعكس رغبة الشباب في لعب دور مباشر في إعادة الاستقرار إلى المنطقة والمساهمة في بناء مؤسسات الدولة.
يقول محمد بلال، القادم من مدينة راجو، لمنصة سوريا 24: “تقدمت بطلب الانتساب إلى الأمن الداخلي، لإيماني بضرورة توفر عنصري الأمن والأمان في البلد”، وأنّ “عفرين جزء من سوريا، ويطمح أبناؤها أن يكونوا جزءاً من بناء سوريا المستقبل”.
فيما يتمنى أبو أمين، من الطائفة المسيحية الإنجيلية في عفرين، أن يسهم تطوعه إلى جانب عدد من شبان المنطقة في تحسين الوضع الأمني في عموم البلاد.
ويقول لمنصة سوريا 24: “البلد بحاجة إلى مساعدة الشباب في بنائه، وكل أبناء الوطن هم كتلة واحدة”، ويضيف: “نحن هنا لإيماننا بأن هذا الوطن يتسع للجميع، ولا بد أن نكون يداً بيد لخدمة الشعب”.
أما أبو نديم، من الطائفة المسيحية الإنجيلية في عفرين، فيوضح لمنصة سوريا 24 أنّ “تقدمه بطلب التطوع في الأمن الداخلي يهدف إلى المساهمة في بناء المجتمع”، وأنّ ما يتمناه من هذه المشاركة أن “تترسخ قيم المشاركة والعمل المشترك من أجل بناء سوريا المستقبل”.
تقع عفرين شمال غرب سوريا، وهي مدينة ذات تركيبة اجتماعية وثقافية متنوعة، ذات أغلبية كردية إلى جانب العرب، ومكونات دينية متعددة.
وقد عانت المنطقة خلال السنوات الماضية من آثار الصراع والنزوح، ما جعل الحاجة إلى مبادرات لتعزيز الأمن وإشراك السكان المحليين في إدارة مؤسسات الدولة خطوة أساسية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار.
ولشرح آليات الانتساب إلى الأمن الداخلي وقوى الشرطة في المنطقة، أعلن الدكتور فرهاد خورتو، معاون مسؤول منطقة عفرين للتنمية والعلاقات، عن بدء استلام طلبات الانتساب إلى سلك الأمن الداخلي في عفرين.
وقال لمنصة سوريا 24 إنّ “هذه الخطوة تأتي ضمن الخطة المرحلية الأولى لتعزيز الأمن والاستقرار المحلي، وإتاحة الفرصة أمام شباب المنطقة للمشاركة الفاعلة في مؤسسات الدولة”.
وأوضح أن الانتساب خُصص حصرياً لأبناء عفرين وريفها، ضمن معايير وشروط محددة، أبرزها:
أن يكون المتقدِّم بعمر يتراوح بين 18 و35 سنة، إذ إن من هم دون 18 لا يمتلكون الوعي الكافي، فيما قد يواجه من تجاوز 35 تحديات تتعلق بالإنتاجية والحركة والفعالية، لأن روح الشباب عنصر أساسي في هذا السلك.
أن يحمل المتقدم شهادة التعليم الأساسي كحد أدنى، لضمان إلمامه بأساسيات القراءة والكتابة والحساب.
وأوضح أن الترقّي داخل الجهاز سيخضع لمعايير متقدمة تتعلق بالمؤهلات والإنتاجية والمهام، بحيث يختلف موقع الحاصل على التعليم الأساسي عن حامل الشهادة الثانوية أو الجامعية أو شهادة المعهد.
وأشار خورتو إلى أن عملية التقديم تُبنى على الحاجة في منطقة عفرين، وبعد تحقق الشروط المطلوبة، مؤكداً أن التوجه العام يسير نحو قبول أعداد كبيرة، وليس الاكتفاء بعدد محدود.
وشدّد على أن الأولوية ستُمنح لأبناء المنطقة، بغض النظر عن العرق أو الدين، مبيناً أن عفرين تحتضن مكونات متعددة من أكراد وعرب وسنة وعلويين ومسيحيين ويزيديين وزرادشتيين، والمهم أن يكون المتقدم من أبناء المنطقة أو مسجلاً رسمياً في نفوسها.
وبيّن أن المنتسبين سيخضعون لدورات تأهيلية وتدريبية تختلف حسب المؤهل العلمي (عنصر – صف ضابط – ضابط)، كما ستُقدَّم لهم رعاية صحية واجتماعية لضمان بيئة عمل مستقرة تُسهم في رفع الأداء.
التدقيق الأمني والمعايير البدنية
وأكد خورتو أن دراسة أمنية وجنائية وأخلاقية موسعة ستُجرى لكل متقدِّم، للتأكد من سلامة سجله وخلوه من أي سلوكيات مرفوضة، بهدف اختيار عناصر تمثّل الدولة والمجتمع بصورة صحيحة.
كما يُشترط أن يتمتع المتقدِّم بصحة جيدة ولياقة بدنية مقبولة، نظراً لطبيعة المهام الأمنية والميدانية، بحسب المسؤول الأمني.
مدة التقديم والإقبال
وأوضح أن عملية التقديم تستمر أربعة أيام، من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الخامسة مساءً، مع إمكانية التمديد إذا اقتضت الحاجة، لافتاً إلى أن عدد المسجلين في منتصف اليوم الأول تجاوز 400 شخص مع استمرار توافد المتقدّمين.
واعتبر خورتو أن ما يجري اليوم ليس مجرد تطوع، بل استثمار في طاقات الشباب وقدراتهم، مؤكداً أن التجربة تراعي اختلاف المؤهلات، بحيث يُمنح كل متطوع الدور المناسب لمستواه العلمي، مع إمكانية التطور داخل المؤسسة.
وختم حديثه بالقول: إنّ “هذا التوجه لا يقتصر على الأمن الداخلي فحسب، بل يشمل أيضاً المؤسسات المدنية، تنفيذاً لتوجيهات الأستاذ مسعود بطّال، مسؤول منطقة عفرين، الذي شدد على ضرورة إشراك الكفاءات المحلية في مديريات الزراعة والنفوس وغيرها من القطاعات، لضمان مشاركة حقيقية للأهالي في إعادة بناء مؤسسات الدولة”.