بخعة (الصرخة).. قرية منكوبة في القلمون ما زالت تنتظر الحياة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

تحولت قرية بخعة، المعروفة باسم “الصرخة”، في القلمون بريف دمشق إلى أطلال بعد أن دمّرها نظام الأسد بشكل شبه كامل، لتصبح منطقة منكوبة مهجورة لسنوات طويلة. وعلى الرغم من عودة جزء من الأهالي بعد عام 2021، فإن القرية لا تزال تفتقد أبسط مقومات العيش الكريم، وسط غياب أي دعم رسمي أو إنساني لإعادة إعمارها أو ترميم ما تبقى من منازلها.

في حديث خاص لـ”سوريا 24“، يصف نصوح، رئيس المجلس المحلي في بخعة، مشهد الدمار قائلاً إن السبب الرئيسي لما حل بالقرية كان مقاومتها للنظام مع بداية الثورة، حيث استمرت المعركة أكثر من 33 يوماً، قبل أن يسيطر النظام عليها ويبدأ بعملية تدمير ممنهجة. ويضيف: “النظام فجّر البيوت عمداً، إما بزرع المتفجرات داخل المنازل وتفجيرها عن بُعد، أو بوضع مادة TNT حول الجدران لتطيير البناء بالكامل، ما أدى إلى تدمير نحو 99% من بيوت القرية”.

ويتابع أن عدد سكان القرية قبل الثورة كان يقارب 7 آلاف نسمة، لكن بعد اقتحامها عام 2014 مُنع الأهالي من العودة حتى عام 2021، فتهجر السكان إلى لبنان وأوروبا والقرى المجاورة. وخلال تلك الفترة، استُبيحت ممتلكات القرية بشكل كامل، حيث نُهبت المدارس والمساجد والمستوصف وأعمدة الكهرباء والكابلات، وحتى الأشجار لم تسلم من القطع والتحطيب.

بعد عام 2021 سُمح لبعض العائلات بالعودة، خاصة لدفن موتاهم، إذ ظل العديد من أهالي القرية يدفنون ذويهم في البراري لسنوات. واليوم يعيش في بخعة نحو 160 إلى 180 عائلة فقط، بعضهم يقيم في منازل رمموها بإمكاناتهم المحدودة، فيما اضطر آخرون إلى نصب خيام على أطراف البلدة.

أما عبدالله البخعاني، أحد العائدين، فيروي لـ”سوريا 24” مأساته قائلاً: “منزلي الذي بنيته بعرق السنين لم يعد سوى كومة من الحجارة. القرية التي كانت عامرة بالحياة والزراعة والعمل، صارت خراباً يمتد على مدّ النظر”.

ويؤكد نصوح أن الأهالي يعتمدون حالياً على أعمال يدوية وزراعية بسيطة، أو على العمل المياوم في دمشق، في ظل فقر مطبق وغياب شبه كامل للدعم. ويشير إلى أن المجلس المحلي قام بتركيب نحو 40 نقطة إنارة على حسابه الخاص، بينما لم تقدم أي جهة رسمية أو إنسانية حتى “ليتر مازوت واحد” لدعم المدرسة أو البلدية.

ويختم رئيس المجلس المحلي بالقول: “رغم زيارات وفود حكومية ومنظمات عديدة، لم نتلقَ أي استجابة فعلية حتى الآن. بخعة ما زالت قرية منكوبة تحتاج إلى لفتة إنسانية عاجلة تعيد إليها شيئاً من الحياة التي سُلبت منها”.

بخعة.. قرية ضاربة في التاريخ

لا تقتصر أهمية بخعة على حاضرها المأساوي فحسب، بل تمتد جذورها عميقاً في التاريخ. تقع في قلب منطقة القلمون، وتتميز بطبيعتها الجبلية الخصبة، وهي إحدى القرى القلمونية الثلاث التي يتحدث سكانها اللغة السريانية (الآرامية الغربية)، لغة السيد المسيح في هذه المنطقة من سوريا. ولها أهمية تاريخية تشهد عليها الآثار والكهوف المنتشرة في القرية ومحيطها، بالإضافة إلى المعالم الآرامية والبيزنطية والرومانية.

مقالات ذات صلة