عمالة الأطفال في الرقة تنذر بكارثة اجتماعية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

تواجه محافظة الرقة تحديًا إنسانيًا خطيرًا من خلال تزايد حالات عمالة الأطفال، حيث يُجبر الكثير منهم على الانخراط في سوق العمل بدافع الضرورة الاجتماعية والاقتصادية، ويضطر بعض الأطفال لمساندة أسرهم ماليًا بعد سنوات الحرب المتواصلة، بينما يخسر آخرون فرصة التعليم أو يعايشون ظروفًا مهنية صعبة تؤثر على صحتهم ونموهم النفسي.

تشير تقديرات من اليونيسف إلى أن حوالي 2.4 مليون طفل من سن 5 إلى 17 عام خارج مقاعد الدراسة في سوريا، وأن ما يقارب 29٪ من الأطفال في هذا العمر يعملون، إما بدوام جزئي أو كليّ.

وقد أقرّت منظمة العمل الدولية بأن العائلات السورية باتت تلجأ إلى عمالة الأطفال كـ”استراتيجية مواجهة سلبية” في ظل تراجع اقتصاد الأسر وتوقف فرص العمل للكبار.

وفي مدينة الرقة تحديداً، أوضحت دراسات ميدانية لمنظمات محلية أن نسبة كبيرة من الأطفال، خاصة بين 10 و16 عاماً، يتركون مقاعد الدراسة ويتجهون إلى سوق العمل، وغالباً ما يعملون لساعات طويلة تصل إلى 10 ساعات يومياً مقابل أجور زهيدة لا تتجاوز 2 إلى 3 دولارات في اليوم الواحد، في مهن خطرة مثل البناء أو الورش المعدنية.

يقول الدكتور سامر، الباحث في علم الاجتماع، لموقع سوريا 24، إن تفشي عمالة الأطفال في الرقة يعود لعدة عوامل متشابكة:

• الفقر المدقع الناتج عن انهيار الاقتصاد المحلي.

• تراجع فرص العمل للكبار وغياب برامج الدعم الحكومية للأسر.

• ارتفاع تكاليف التعليم، ما يدفع الأطفال للتسرب المبكر.

• ضعف الوعي المجتمعي بمخاطر عمل الأطفال واعتباره وسيلة طبيعية لتخفيف أعباء الأسرة.

ويضيف أن “الأطفال العاملين يواجهون مخاطر صحية ونفسية جسيمة، إذ يتعرضون لإصابات العمل ولضغوط تفوق أعمارهم، ما يحرمهم من حقهم الطبيعي في التعليم والنمو السليم”.

وتعكس شهادات بعض السكان حجم الأزمة الإنسانية، تقول أم محمد، نازحة من ريف الرقة: “لم أعد قادرة على دفع تكاليف المدارس، ابني البالغ من العمر 12 عاماً يعمل في ورشة حدادة منذ عام كامل ليساعدنا في المصاريف اليومية”.

أما أبو حسن، وهو أب لثلاثة أطفال، فيوضح أن “ابنه الأكبر يبيع الخبز في الأسواق منذ الصباح حتى المساء مقابل 20 ألف ليرة سورية يومياً، ورغم ذلك يبقى المبلغ غير كافٍ لتغطية احتياجات العائلة”.

تحذر تقارير اليونيسف من أن استمرار هذه الظاهرة سيؤدي إلى:

• ارتفاع معدلات الأمية والتسرب المدرسي بشكل غير مسبوق.

• تكوين جيل يفتقر إلى المهارات الأساسية لدخول سوق العمل المستقبلي.

• زيادة احتمالية استغلال الأطفال في أعمال خطرة أو غير قانونية.

• تكريس دائرة الفقر عبر أجيال متعاقبة.

وتوصي المنظمات الدولية بضرورة:

• إطلاق برامج دعم مالي مباشر للأسر الأكثر فقراً، بحيث لا تضطر لإرسال أطفالها إلى العمل.

• تقديم منح تعليمية وإعفاءات من الرسوم الدراسية لتشجيع بقاء الأطفال في المدارس.

• تطوير مشاريع اقتصادية صغيرة توفر فرص عمل للكبار وتخفف العبء عن الأطفال.

• زيادة الرقابة المجتمعية والرسمية على أماكن تشغيل الأطفال لمنع استغلالهم.

في ظل الظروف المعيشية القاسية التي تعصف بمحافظة الرقة، تبقى عمالة الأطفال انعكاساً مباشراً للفقر والتهميش وغياب السياسات الفعّالة، ومع أن المبادرات الفردية والمنظمات الإنسانية تحاول التخفيف من حدّة الأزمة، إلا أن الحل الجذري يتطلب رؤية شاملة تضع التعليم والحماية الاجتماعية في مقدمة الأولويات، لضمان مستقبل أفضل لأطفال الرقة وسوريا عموماً

مقالات ذات صلة