الأتارب – ريف حلب الغربي
بعد أربعة عشر عاماً من الاغتراب القسري في قطر، عادت إخلاص بدوي، أول برلمانية سورية أعلنت انشقاقها عن نظام بشار الأسد عام 2012، إلى مسقط رأسها الأتارب في ريف حلب الغربي.
تعود بدوي اليوم إلى بلدتها محملة بتجربة سياسية وإنسانية غنية، ورؤية واضحة لمستقبل سوريا، وهي تقف على أعتاب أول انتخابات لمجلس الشعب بعد التحرير.
تصف لحظة العودة في حديثها إلى منصة سوريا 24 بعبارات مؤثرة، قائلة: “حين غادرت سوريا، كان خروجي جسدياً فقط، أما الروح والتطلعات فقد بقيت هنا مع أبناء وطني. واليوم، بفضل الله وبفضل التحرير، اجتمع الجسد مع الروح وعدت إلى أرض الوطن”.
وتضيف أن وصولها إلى مطار دمشق الدولي كان خليطاً من الفرح والفخر، امتزج بحزن عميق على ما عاشته البلاد في ظل النظام السابق.
الانشقاق: موقف أخلاقي قبل أن يكون سياسياً
تستعيد بدوي قرارها الجريء بالانشقاق في تموز/يوليو 2012، فتقول إنه لم يكن مجرد خيار سياسي، بل واجب وطني وأخلاقي.
وتتابع: “كان لا بد أن أقف مع صوت الشعب، فأنا أمثل إرادته. حتى لو كان القرار فردياً، فإن الموقف يُحدث فرقاً. ومن واجب الجميع أن يتحلوا بالشجاعة نفسها”.
وتوضح أن رسالتها يومها كانت مزدوجة: للسوريين لتشجيعهم على الانحياز لإرادتهم الحرة، وللعالم لإثبات أن ما يجري هو ثورة شعبية حقيقية، وليست كما حاول النظام تصويرها.
انتخابات ما بعد التحرير: بداية عقد اجتماعي جديد
ومع اقتراب أول انتخابات لمجلس الشعب بعد التحرير، ترى بدوي أنها لحظة فارقة في التاريخ السوري، وتقول: إنها “الخطوة الأولى نحو بناء سوريا المستقبل، وإعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وأتمنى أن يعكس المجلس الجديد حجم إرادة الشعب وتضحياته”.
وعن نيتها الترشح، توضح بدوي: “الأهم أن ينجح المجلس الجديد في تمثيل إرادة السوريين، لا أن أكون أنا شخصياً داخله”.
وتؤكد في الوقت ذاته ضرورة وجود هيئة مستقلة تشرف على العملية الانتخابية لضمان الشفافية، إضافة إلى تعزيز وعي الناخبين بدور أصواتهم في إحداث التغيير.
المرأة السورية: من الميدان إلى القرار
تقول بدوي إن المرأة السورية كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى للثورة في الإعلام والمظاهرات والعمل المجتمعي، وقدمت تضحيات كبيرة حتى بفلذات أكبادها.
وتضيف: “اليوم آن الأوان أن تخوض المرأة الانتخابات وتشارك بقوة في صناعة القرار”.
رؤية لعقد قادم
تنظر بدوي بتفاؤل إلى مستقبل سوريا في المرحلة القادمة، وتتطلع إلى بناء دولة العدل والقانون، دولة الكرامة والحقوق المتساوية.
وتختم حديثها بالقول: “لو أتيح لي أن أضع أول قانون في المجلس الجديد، فسيكون قانون حماية إرادة الشعب، لضمان الشفافية ومحاسبة ممثلي الشعب بشكل دوري أمام المواطنين. يجب أن يكون مجلس الشعب المقبل الحارس الحقيقي لإرادة السوريين”.