في السويداء، يعيش 21 طفلًا معاناة صامتة مع مرض البلوغ المبكر، مرض يسرق من الطفولة براءتها ويهدّد المستقبل بتبعات نفسية وصحية خطيرة.
في ظل غياب الدواء عن المشافي الحكومية وارتفاع أسعاره في السوق، جاءت مبادرة إنسانية أعادت الأمل إلى هذه العائلات.
مبادرة من الداخل والخارج
بدأت الحكاية من المغتربين أبناء السويداء الذين بادروا إلى مدّ يد العون، فاتصلوا بشاب من درعا مقيم في الداخل السوري ليكون حلقة الوصل.
هذا الشاب، الذي آثر عدم ذكر اسمه، تحرّك سريعًا واشترى الدواء من صيدليات خاصة رغم كلفته المرتفعة، ثم سلّمه إلى الهلال الأحمر السوري الذي سيتكفّل بإيصاله إلى السويداء عبر ممر بصرى الشام – بصر الحرير خلال الساعات القادمة، فيما ستتولى جمعية جذور سوريا توزيعه مباشرة على الأطفال المحتاجين.
طفولة مهدّدة
من بين هؤلاء الأطفال، الطفلة نايا معتز دانون التي لم تتجاوز الخامسة حين بدأت تعاني أعراض المرض. والدتها، سلاف كمال سلوم، تحدثت عن مرارة المرض الذي تعاني منه ابنتها لمنصة “سوريا 24”: “العلاج ليس رفاهية، بل ضرورة قبل سن الحادية عشرة. إن تأخّرنا، ستكبر المضاعفات وتصبح أثقل من أن تحتملها طفلة في عمرها”.
أدوية باهظة وغياب رسمي
الإبرة الواحدة التي يحتاجها الأطفال تبلغ كلفتها نحو 275 ألف ليرة سورية (ما يعادل 30 دولارًا)، وهي أدوية هندية المنشأ تدخل عبر تركيا أو الأردن بواسطة شركات خاصة.
في المقابل، يؤكد الدكتور وائل دغمش، مدير صحة دمشق، لمنصة “سوريا 24″، أن هذه الأدوية لم تعد متوفرة في المشافي الحكومية بعد توقف التوريد عبر شركة “فارمكس”، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة ستطرح مناقصة جديدة الأسبوع المقبل لإعادة استيرادها.
تضامن يتخطى الحدود
الدكتور أحمد المسالمة، مدير فرع الهلال الأحمر السوري في درعا، يصف المبادرة خلال حديثه لمنصة “سوريا 24” بأنها “صورة حيّة للتكافل بين السوريين رغم كل الظروف”، مؤكدًا أن المنظمة ستؤمّن وصول الأدوية إلى السويداء بالتنسيق مع الجهات المختصة.
عبور الأمل
لم يكن طريق الدواء عبر بصرى الشام وبصر الحرير مجرد مسار جغرافي، بل رمزًا لعبور الأمل من الغربة إلى الوطن، ومن درعا إلى السويداء، ومن مبادرة فردية إلى حياة جماعية.
هذه المبادرة الصغيرة في شكلها، الكبيرة في أثرها، تثبت أن السوريين – رغم الأزمات والحرمان – قادرون على تحويل تضامنهم إلى دواء، وقلقهم إلى حياة جديدة لأطفال ينتظرون أن يعيشوا طفولتهم كما يجب.