داريا تستعيد وجع المجزرة بعد 13 عاماً: شهادات ناجين وذاكرة لا تموت

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

أحيت مدينة داريا بريف دمشق مساء أمس ذكرى مجزرة آب/ أغسطس 2012، التي ارتكبها نظام الأسد وميليشياته بحق مئات المدنيين، في واحدة من أفظع الجرائم التي شهدتها سوريا منذ اندلاع الثورة. وجاءت الفعالية الرمزية، التي أُقيمت في مقبرة الشهداء خلف جامع أبو سليمان الديراني، بمشاركة أهالي الضحايا والناجين، بعد سنوات من الصمت الذي فرضه الخوف من البطش.

خيمة العزاء وجدارية الأسماء

شهدت المناسبة إقامة خيمة عزاء رمزية داخل المقبرة، التقى فيها ذوو الضحايا لتبادل القصص والذكريات. كما خُطّت على جدارية تفاعلية أسماء الشهداء وقصصهم، في رسالة تؤكد أن العدالة حق لا يسقط بالتقادم، ورفضًا لطمس واحدة من أكثر صفحات المدينة دموية.

يقول مؤيد حبيب، وهو أحد شهود المجزرة، في حديث خاص لـ”سوريا 24″: “اليوم صرنا نقدر نلتقي ونحكي قصصنا ونكتب أسماء شهدائنا علناً، بعدما كان مجرد ذكر كلمة شهيد يُعد تهمة. الناس هنا يعتبرون شهداءهم من أسباب الصمود، وداريا القريبة من القصر الجمهوري ستبقى شاهدة على الجريمة”.

شهادة من قلب المذبحة

آية العبار، التي كانت في الخامسة عشرة من عمرها آنذاك، تروي تفاصيل الساعات الأولى للمجزرة:
“كان ثالث أو رابع أيام العيد الكبير حين بدأت الحملة بقصف عنيف، ثم أُطبِق الحصار على المدينة، ونُصبت القناصات على جميع المداخل تقريبًا. جدي استُهدف برصاصة وهو عائد من جامع الإيمان إلى مزرعته، فكانت تلك أول صدمة لنا”.

وتضيف: “انفصلنا عن أمي بسبب الفوضى، وكنا نسمع أخبار الذبح والقتل من حولنا. عناصر الفرقة الرابعة والشبيحة مارسوا أبشع أنواع الإجرام: ذبح، إعدام ميداني، وضرب حتى الموت. في حارتنا وحدها اعتقلوا 43 رجلًا، بينهم أبناء عمتي، ثلاثة منهم قضوا في المعتقل. وحتى الأطفال حديثو الولادة لم ينجوا”.

آية تصف شعورها آنذاك قائلة: “بقينا أنا وأخواتي نرتدي ثيابنا وننتظر دورنا للذبح. تخيّل شعورك وأنت جالس بانتظار موتك.. لا ماء، لا كهرباء، لا غذاء. حتى الاتصالات أبقوها فقط ليراقبوا الناس”.

أهوال يوم يشبه القيامة

يروي مؤيد حبيب عن ذلك اليوم: “المجزرة كانت أشبه بيوم القيامة. عائلات كاملة أُبيدت، كل شهيد قُتل بطريقة مختلفة: ذبح، رصاص، أو ضرب مبرّح. الدماء غطّت الشوارع بعد انسحاب الجيش، وبقيت المدينة تحمل جرحًا مفتوحًا لا يندمل”.

أرقام وحقائق

بلغت المجزرة ذروتها في 25 آب 2012، وأسفرت عن استشهاد 713 مدنيًا، بينهم 508 موثقين بالاسم و205 مجهولي الهوية، وفق توثيقات محلية. وبسبب الحصار، اضطر الأهالي إلى دفن الضحايا في مقبرة جماعية، عمد النظام لاحقًا إلى تخريبها عام 2016، قبل أن تبدأ أعمال ترميمها بعد خروج قواته من المدينة.

حصار داريا.. أربع سنوات من العذاب
لم تتوقف معاناة الأهالي عند حدود المجزرة، إذ أعقبها حصار خانق استمر أربع سنوات، مُنع خلاله دخول الغذاء والدواء، فيما تعرضت المدينة لقصف يومي بالبراميل المتفجرة والطيران الحربي، ما أدى إلى تدمير بنيتها التحتية وتهجير عشرات الآلاف بحلول عام 2016.

العدالة الغائبة

على الرغم من مرور 13 عامًا، لا تزال داريا تحمل في ذاكرتها جرح المجزرة التي حوّلتها إلى مدينة أشباح. واليوم، ومع إصرار الأهالي على إحياء الذكرى علنًا، يؤكدون أن حق الضحايا في العدالة والقصاص من القتلة لن يسقط بالتقادم، وأن الذاكرة الجمعية ستظل عصية على النسيان.

مقالات ذات صلة