في ظل النقص الحاد في مادة المازوت وارتفاع أسعارها بشكل يفوق قدرة معظم العائلات، عاد سكان ريف الرقة إلى وسيلة تقليدية قديمة لتأمين التدفئة خلال فصل الشتاء، تتمثل في جمع مخلفات الأغنام والأبقار، وتجفيفها بعد تشكيلها على هيئة أقراص لتُستخدم كوقود بديل.
هذه الطريقة، التي كانت شائعة في الأرياف السورية لعقود مضت، تراجعت مع انتشار الوقود الحديث مثل المازوت والغاز. غير أن الأزمة الاقتصادية وتفاقم تكاليف المعيشة أعادتا استخدامها على نطاق واسع، بوصفها وسيلة متاحة لتأمين الدفء في مواجهة برد الشتاء وظروف النزوح القاسية.
وقال أحمد العبد، 50 عاماً، نازح من ريف حمص، في تصريح خاص لـ”سوريا 24″:
“عملية جمع وتجفيف مخلفات المواشي ليست سهلة، فهي تحتاج إلى جهد ووقت طويل، خصوصاً في ظل المناخ القاسي والظروف الأمنية الصعبة. هذه طريقة قديمة لكننا اضطررنا للعودة إليها لأن المازوت بات نادراً وباهظ الثمن. رغم التعب، فهي تبقى أفضل من البقاء في البرد.”
تتمثل العملية في جمع الفضلات من الحظائر، ثم تشكيلها بأيدي السكان إلى أقراص صغيرة أو متوسطة الحجم، وتركها لتجف تحت أشعة الشمس عدة أيام قبل تخزينها للاستخدام. وتوفر هذه الأقراص مصدراً مقبولاً للتدفئة لا يعتمد على الكهرباء أو الوقود النفطي، وهو أمر حيوي في المناطق التي تعاني من انقطاعات الكهرباء وغياب المحروقات.
لكن هذه الوسيلة لا تخلو من مخاطر. إذ قد تؤدي إلى انبعاث روائح مزعجة وغازات ضارة أثناء الاحتراق، مما يستدعي تهوية كافية داخل المنازل لتفادي تراكم الدخان الذي يشكل تهديداً على صحة العائلات، خاصة الأطفال وكبار السن.
وفي هذا السياق، شدد الناشط الإنساني عدنان العيسى في حديثه لـ”سوريا 24″ على “أهمية تقديم الدعم اللازم للمزارعين ورعاة المواشي لتسهيل جمع هذه المخلفات بطرق صحية، وتنظيم عمليات التجفيف والتخزين في بيئة آمنة”، مؤكداً ضرورة “البحث عن بدائل تدفئة مستدامة وذات تكلفة مناسبة للأهالي مع اقتراب فصل الشتاء.”
وتعكس عودة الاعتماد على هذه الوسيلة التقليدية واقع التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها سكان ريف الرقة اليوم، حيث لم تعد خياراً تراثياً، بل ضرورة ملحّة فرضتها قسوة الظروف وغياب البدائل.