أطلق “بيت سوري للفنون” في مدينة مصياف مشروع “كورال الأطفال”، كمنصة ثقافية تربوية تجمع بين الفن والهوية، وتُعنى بتطوير قدرات الأطفال الموسيقية في بيئة آمنة وملهمة.
ويُعد هذا المشروع أول كورال جماعي منظم يُنشأ في المدينة، ويضم مجموعة من الفتيات والفتيان تتراوح أعمارهم بين 8 و16 عامًا، من مختلف الأحياء، ليكونوا جزءًا من حراك ثقافي حيوي يعيد للطفل السوري حقه في التعبير الفني.
منصة للإبداع وترسيخ الهوية
وأكدت ميسا سعيد، المديرة الثقافية في “بيت سوري للفنون”، في حديث لمنصة سوريا 24، أن إطلاق الكورال يأتي جزءًا من رؤية أوسع تهدف إلى “إعادة بناء الفضاءات الثقافية الحرة للأطفال، وتمكينهم من التعبير عن أنفسهم بلغة عالمية لا تعرف الحدود: لغة الموسيقى”.
وأضافت: “نحن لا ندرب أطفالًا على الغناء فحسب، بل نعيد بناء ثقتهم بأنفسهم، ونعيد إليهم حقهم في الإبداع، في زمن حاول أن يسلبهم الطفولة”.
وأشارت إلى أن المشروع يسعى إلى “إبراز الطابع الثقافي الفريد لمدينة مصياف، وإحياء تراثها الموسيقي المتنوع، من خلال مزيج من الأغاني التراثية السورية والأناشيد الهادفة التي تحمل رسائل محبة وسلام، وانتماء للوطن”.
تدريب متخصص ومسار فني راقٍ
يشرف على تدريب الكورال فريق من المختصين في الموسيقى والفنون التربوية، يمتلكون خبرة واسعة في التعامل مع الأطفال، وتمكينهم من المهارات الموسيقية الأساسية، مثل القراءة الإيقاعية، والتناغم الصوتي، وتقنيات الصوت، إلى جانب التدريب على الأداء الجماعي والثقة على المسرح.
ويُراعى في المحتوى الفني المقدم للطفل التوازن بين الأصالة والحداثة، حيث تُدرّس الأغاني التراثية السورية بأسلوب عصري يناسب جيل اليوم، مع إدخال عناصر من التأليف المعاصر تحمل قيم التسامح، والوحدة الوطنية، وحب الأرض.
الفن كوسيلة للشفاء والسلام
ويُنظر إلى هذا المشروع ليس فقط كنشاط فني، بل كأداة اجتماعية ونفسية للتعامل مع آثار الحرب، وتمكين الأطفال من التعبير عن مشاعرهم، وتحويل الألم إلى لحن، والحزن إلى تآلف صوتي.
خطط مستقبلية وعروض قادمة
يخطط “بيت سوري للفنون” لتقديم أول عرض عام لكورال الأطفال في شهر مايو القادم، ضمن مهرجان ثقافي محلي يُقام في ساحة مصياف التاريخية، بمشاركة فرق فنية محلية وفنانين من مختلف المحافظات.
كما تدرس إدارة البيت إمكانية توسيع المشروع ليشمل مراكز فنية في مدن أخرى، وتأسيس شبكة من كورالات الأطفال في مناطق مختلفة من سوريا، بهدف تعزيز الحوار الثقافي بين الأجيال، وبناء جسر من الفن يربط بين المدن السورية.
رسالة من مصياف إلى الوطن
واختتمت ميسا سعيد حديثها قائلة: “نحن نرسل من مصياف رسالة إلى كل طفل سوري: صوتك مهم، وثقافتك جذورك، وفنك سلاحك. لا تتخلَّ عن حلمك. ففي كل نغمة نطلقها، نعيد بناء سوريا أكثر جمالًا”.
ويبقى “كورال الأطفال” في مصياف شاهدًا على أن الفن لا يموت، بل يُولد من جديد، في عيون الأطفال، وصوتهم الذي يعلن أن الحياة تستمر، وأن الأمل لا يزال يغني.