بعد ثلاثة عقود من التوقف، عاد الحديث مجدداً في منطقة القلمون بريف دمشق عن مشروع فتح طريق جردي استراتيجي يمتد من رنكوس إلى بلودان مروراً بجرد صيدنايا، وصولاً إلى الحدود اللبنانية، وهو المشروع الذي يرى فيه الأهالي خطوة من شأنها إحياء المنطقة اقتصادياً واجتماعياً بعد سنوات من التهميش.
عقبات قديمة ودراسات مؤجلة
في حديث خاص لـ سوريا 24، أوضح أكرم، رئيس بلدية بلودان، أن المشروع طُرح لأول مرة قبل أكثر من 30 عاماً، لكنه اصطدم بمعوقات طبيعية أبرزها تراكم الثلوج في المرتفعات التي يصل ارتفاعها إلى نحو 2000 متر عن سطح البحر. وقال:
“في ذلك الوقت لم تستطع الدراسات الاستمرار بسبب الظروف المناخية وصعوبة الوصول إلى القمم خلال فصل الشتاء. واليوم، أي دراسة جديدة تحتاج بداية إلى رفع طبوغرافي شامل للمناسيب والمسارات، وهو أمر يتطلب إمكانيات مالية ضخمة، بالإضافة إلى المرور بأراضٍ خاصة وأخرى تابعة للدولة، فضلاً عن الحاجة لموافقات أمنية لمرور الطريق قرب بعض المعسكرات”.
وأكد رئيس البلدية أن تكلفة المشروع ستكون كبيرة نظراً لحاجته إلى أعمال إنشائية وصناعية معقدة، لكنه اعتبر أن تنفيذه سيمنح بلودان ومحيطها منفذاً جديداً نحو المناطق المجاورة، ما يعزز الحركة التجارية والسياحية.
مشروع استراتيجي متوقف منذ التسعينيات
من جهته، قال سمير خزعل، وهو طبوغرافي من أهالي صيدنايا، إن المشروع كان قد بدأ العمل به في التسعينيات عبر شركة هولندية، لكنه توقف لأسباب غير معروفة. وأضاف في تصريحه لـ سوريا 24:
“بحسب ما أذكر، كان الطريق يبدأ من البنك في برودا مروراً بطريق الجرد وأعلى معلولا والقرى المجاورة حتى سهل رنكوس وجرد صيدنايا، وصولاً إلى أعالي جبال وادي بردى ومضايا وبلودان حتى لبنان. هذا الطريق لو اكتمل سيختصر المسافة نحو الحدود اللبنانية بأكثر من 60%، كما سيغلق الطرق غير الشرعية التي تنتشر حالياً”.
حاجة إلى خبرات هندسية متخصصة
خزعل، الذي عمل سابقاً في شركة الدراسات الفنية بدمشق، شدّد على أن طبيعة المنطقة الجبلية الوعرة تتطلب كادراً هندسياً متخصصاً في شق الطرق والجسور. وأوضح: “عند مفرق رنكوس وقرية حلي باتجاه رنكوس مرّ سابقاً خط كهرباء توتر عالي 400 كيلو فولط، ما يعني أن المنطقة حساسة وتحتاج لدراسات دقيقة. الاتجاه نحو جبل الشيروبيم في صيدنايا مثلاً مليء بالوديان والجبال، وهذا يفرض أعمالاً هندسية معقدة”.
أمل بإحياء القلمون
يرى الأهالي أن إحياء هذا المشروع سيحوّل القلمون إلى عقدة وصل بين ريف دمشق ولبنان، ما يفتح المجال أمام حركة تجارية شرعية، ويعيد الحياة إلى بلدات كانت تعتمد تاريخياً على السياحة والتبادل التجاري. وبينما يصفه البعض بالمشروع الحلم، تبقى العقبات المالية والإدارية والتقنية التحدي الأكبر أمام خروجه إلى حيز التنفيذ.