بين رحلة التهجير الطويلة وضغوط المرض القاسي، يجد مرضى السرطان في سوريا أنفسهم أمام تحديات مضاعفة حين يقررون الانتقال من منطقة إلى أخرى لمتابعة علاجهم. وفي ظل ضعف النظام الصحي وتعدد السلطات الطبية، برزت آلية “إغلاق الأضابير” كخطوة تنظيمية ضرورية لضمان استمرار العلاج ومنع الازدواجية في صرف الأدوية.
نوال محمود، وهي أم مهجّرة من ريف دمشق منذ ثماني سنوات، عاشت صراعًا بين أملها بالعودة إلى بلدتها و رغبتها في ضمان عدم انقطاع علاج ابنها مجد (10 سنوات) المصاب بسرطان الدم. تقول في حديثها لـ سوريا 24 إنها أجّلت قرار العودة أكثر من مرة خوفًا من ضياع المتابعة الطبية، لكنها تشجعت بعدما أكد لها الطبيب المشرف في مركز علاج الأورام السرطانية بإدلب أن استكمال العلاج في مشفى البيروني بدمشق ممكن ومضمون عبر آلية تنسيق واضحة.
آلية “إغلاق الأضابير”
يوضح الدكتور ملهم خليل، طبيب أورام في المركز ذاته، آلية العمل قائلاً في حديثه لـ سوريا 24:
“حين يقرر المريض متابعة علاجه في محافظة أخرى، نعطيه تقريرًا طبيًا مفصلاً يشرح حالته مع كامل الأوراق والإجراءات، ثم نغلق أضبارته لدينا بشكل نهائي. بهذه الخطوة، يستطيع فتح أضبارة جديدة في المشفى الذي يقصده، مثل البيروني في دمشق. الهدف من ذلك منع الازدواجية في العلاج، وضمان عدم بقاء ملفين مفتوحين للمريض في مكانين مختلفين، ما قد يؤدي إلى صرف أدوية مكررة أو حدوث تجاوزات”.
ويضيف خليل أن هذه الآلية تُطبَّق في الاتجاهين، فإذا قرر مريض العودة من دمشق إلى إدلب، يجب إغلاق أضبارته في المشفى الأول قبل فتح ملف جديد في الثاني.
تنسيق بين إدلب ودمشق
مصدر طبي في مشفى البيروني بدمشق أكد لـ سوريا 24 أن المتطلبات الأساسية لمتابعة العلاج تشمل: تقريرًا طبيًا رسميًا من الطبيب المعالج في إدلب، جميع الصور والتحاليل والتقارير الطبية السابقة، وثيقة رسمية تؤكد إغلاق الأضبارة في المشفى الأول.
وأضاف المصدر أن هذه الخطوات تضمن انتقالًا سلسًا للعلاج دون انقطاع، وتسهم في توحيد الجهود الطبية لحماية المريض وضمان حقوقه.
بين إدلب ودمشق، تشق نوال طريقها بأمل أن يكمل ابنها مجد رحلته مع العلاج بلا انقطاع. وفي بلد أنهكته الحرب والانقسام، تبدو آلية “إغلاق الأضابير” أكثر من مجرد إجراء إداري؛ إنها خيط رفيع يربط حياة المرضى بين مناطق متباعدة، ويعكس في الوقت نفسه أهمية التنسيق الطبي في حماية المرضى وتخفيف معاناتهم.