تشهد مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، أزمة مياه شرب حادة تسببت في انقطاع التغذية عن نصف المدينة بالكامل، بينما يعتمد النصف الآخر على مصادر بديلة غير مضمونة.
يأتي ذلك في ظل تفاقم تعديات الأهالي والزارعين على خط التغذية الرئيسي القادم من حمص عبر منطقتي الغنطو والفرحانية الغربية وصولاً إلى مفرق أم شرشوح.
وأكدت ختام فرزات مديرة مؤسسة مياه الرستن في حديث لمنصة سوريا 24، على أن سبب الأزمة يعود إلى تراكم كميات كبيرة من الحجارة والأوساخ داخل الخط الرئيسي، ناتجة عن اعتداءات متكررة من قبل مزارعين وأهالي على خط “ساريكو”.
ولفتت إلى قيامهم بفتح فتحات غير قانونية لسحب المياه لري محاصيلهم، ما أدى إلى تسرب التربة والركام إلى داخل الأنبوب، ما تسبب بانسداد شبه كامل في تدفق المياه.
وحسب عدد من أبناء المدينة في حديثهم لمنصة سوريا 24، فإن مرور شاحنات محملة عبر الخط المدفون تحت الأرض ساهم في تدهور حالته، وزيادة الضغط عليه، ما عجل بانهيار جزئي في البنية التحتية للشبكة، وفق ما أكده فنيون عاملون في الموقع.
حجم الأزمة: نصف المدينة بلا مياه شرب
ووصفت ختام فرزات الوضع بأنه “كارثي”، مشيرة إلى أن “الخط كان مسدوداً بالكامل، ولا تمرر فيه قطرة ماء”.
وتابعت: “منذ صباح الأمس نعمل على تنظيف الخط، ولدينا مكان الانسداد، وقمنا بإزالة الأوساخ والترسبات، وبالتزامن نستغل الفرصة لعزل الخزان الأرضي الذي لم يُعزل منذ عشر سنوات”.
وأضافت فرزات أن “نصف المدينة لا يحصل على مياه شرب من الشبكة، بينما يعتمد النصف الآخر على بئرين يتغذّيان من نفس الخط، لكن بعد الانتهاء من الصيانة، سيُعاد الضخ بشكل كامل، وبإذن الله تُحل الأزمة بالكامل اليوم الأربعاء”.
وأشارت إلى معاناة كبيرة في تأمين الكوادر والآليات اللازمة للإصلاح، لولا “تبرعات من أهالي المدينة وتعاون شركات محلية”.
الحل: المراقبة الصارمة وفرض الغرامات
وأكدت فرزات أن الحل الدائم لا يكون بإصلاح الخط فقط، بل بـ”وضع حد للتعديات”، مشيرة إلى أن “مؤسسة المياه ستعمل بالتعاون مع مؤسسة مياه حماة، المالكة لقناة ساريكو، على إزالة جميع التعديات، وفرض غرامات مالية كبيرة على كل من يعتدي على خطوط المياه العامة”.
وأضافت: “التعديات لن تُسمح بها مجدداً، وسنُحاسب كل شخص يفتح فتحات غير قانونية، سواء لري أو لأغراض أخرى، لأن هذا يهدد أمن المدينة المائي”.
شهادة من ميدان الأزمة
من جانبه، أكد محمود شحود، أحد سكان الرستن في حديث لمنصة سوريا 24، على أن “الكشف الميداني على الخط أظهر كميات هائلة من الأوساخ والتراب داخل الأنبوب”، مشيراً إلى أن “هذه التعديات ليست جديدة، بل كانت تتم في عهد النظام السابق، حيث كان المزارعون يدفعون رشاوى لميليشيات الأسد للسماح لهم بالاستيلاء على المياه”.
وأوضح شحود أن “الحل ليس في الصيانة الدورية فقط، بل في مراقبة دائمة للخط، ومتابعة مستمرة، خصوصاً أن الضخ من المصدر جيد، ومدينة الرستن لديها أيضاً عدة آبار يمكن الاستفادة منها، لكن التسيب في إدارة الشبكة هو ما يفاقم الأزمة”.
العمل جارٍ لإعادة الخدمة بالكامل
ووسط كل ذلك، تواصل فرق الصيانة العاملة من مؤسسة المياه العمل على تنظيف الخط وعزل الخزان الأرضي، وتؤكد المؤسسة أن “العمل سينتهي خلال الساعات القادمة”، على أن يُعلن عن استئناف ضخ المياه إلى كامل أحياء المدينة فور الانتهاء.
تحذير من تكرار الأزمة
وتتعالى أصوات سكان الرستن محذرة من أن “أي تهاون في مراقبة الخط سيؤدي إلى تكرار الأزمة”، داعين الجهات المحلية والمعنية إلى “اتخاذ إجراءات رادعة فورية، وفرض سيادة القانون على الأملاك العامة، خصوصاً فيما يتعلق بمصادر المياه الحيوية”.
ويُنتظر أن تُعلن مؤسسة المياه عن خطة مراقبة مستمرة للخط، بالتعاون مع لجان محلية وأمنية، لضمان عدم تكرار التعديات، وضمان استمرارية تزويد الرستن بمياه الشرب النظيفة، في خطوة تُعد اختباراً حقيقياً لقدرة المؤسسات المحلية على إدارة الخدمات الحيوية في ظل ظروف مالية وفنية صعبة.