العملات السورية.. حكاية حضارة يرويها “نور الشوّا” في معرض دمشق الدولي

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

شارك الشاب نور الشوّا في الدورة الـ62 من معرض دمشق الدولي ضمن جناح وزارة الثقافة، حيث عرض مجموعته النادرة التي تضم معظم العملات الورقية والمعدنية السورية المتداولة منذ عشرات السنين وحتى اليوم، ويؤكد الشوّا أن كل ورقة نقدية تحمل حكاية خاصة تروي جزءًا من تاريخ سوريا وحضارتها.

يصف الشوّا هوايته بأنها ليست مجرد ولع عابر، بل شغف رافقه منذ الصغر، ويقول: “هذه الهواية مختلفة، فهي تحمل ثقافة وحضارة وقيمة خاصة، منذ طفولتي شدّتني صعوبة اقتناء العملات النادرة، فكنت ألاحق أي قطعة أجدها وأحاول الحصول عليها، رغم أن بعضها كان باهظ الثمن أو في حالة غير مناسبة للحفظ. العملات القديمة، وخاصة إصدارات عام 1919 المصنوعة من ورق الحرير، تحتاج إلى عناية خاصة تختلف عن العملات الحديثة المصنوعة من القطن أو البوليمار”.

يوضح الشوّا أن أول إصدار للعملة السورية كان عام 1919 في فترة الاحتلال الفرنسي، حيث طُبعت العملات في بيروت عبر بنك سوريا ولبنان، ويضيف: “في البداية كُتب عليها ‘لبنان الكبير’، ثم ‘سوريا ولبنان’، قبل أن يخصص لكل بلد إصدار يحمل اسمه. أما التصاميم الأولى فقد استُوحيت من معالم سورية بارزة مثل قلعة حلب، تدمر، الناعورة في حماة، لتعكس هوية الدولة وتراثها”.

يشدد الشوّا على أن العملات ليست مجرد وسيلة للتبادل المالي، بل هي وثائق حضارية، قائلاً: “العملة تحمل رسائل ثقافية وتاريخية، فهي وثيقة مصغّرة تجسد ملامح الدولة ومعالمها الأثرية، حضارتنا انعكست بوضوح في تصاميم العملات، حتى أن ورقة فئة الـ500 ليرة الصادرة عام 1958 صُنّفت دولياً كأجمل عملة ورقية في العالم من حيث التصميم”.

ويرى أن هذه الهواية تمثل إرثًا يجب أن يُصان: “أتمنى من كل شخص يمتلك عملات ورثها عن والده أو جده أن يحافظ عليها ويسلّمها للجيل الذي يليه، هذه القطع ليست مجرد أوراق أو معادن، بل ذكريات وطنية وحضارة لا تُقدّر بثمن”.

ويتابع الشوّا: “جمع العملات ليس سهلاً، فكثيراً ما أخسر قطعاً نادرة لصالح هاوٍ آخر، أو أعجز عن شرائها بسبب ارتفاع ثمنها، لكنني أعتبر ذلك جزءًا من متعة الهواية، أحياناً أعثر على قطعة تنقص مجموعتي، فأبذل جهداً كبيراً للحصول عليها، لكنها قد تذهب لغيري، أشعر بالخيبة، لكنني أؤمن أن هذا قَسمة ونصيب”.

ويشير الشوّا إلى أن “الاهتمام بالعملات السورية يتجاوز حدود البلاد، الكثير من الأصدقاء في أوروبا والخليج يطلبون اقتناء العملات السورية لما تحمله من عراقة وجمال في التصميم، هي ليست مجرد أوراق نقدية، بل رسالة حضارية تنتقل من سوريا إلى العالم”.

وعن مشاركاته القادمة، يقول الشوّا إنه يطمح إلى توسيع نطاق عرض مجموعته داخل سوريا وخارجها، مؤكداً أن دول الجوار تبدي اهتماماً متزايداً بهذه الهواية، حيث تُنظم معارض يشارك فيها هواة من أوروبا والخليج.

ويختم حديثه قائلاً: “هواية جمع العملات ليست عادية، بل هي هواية الملوك كما تُسمى، أتمنى أن تحظى بمزيد من الاهتمام الرسمي والشعبي في سوريا، لأنها تحفظ الذاكرة الوطنية وتعكس حضارة بلدنا أمام العالم”.

نور الشوّا شاب سوري متخصص بجمع العملات الورقية والمعدنية القديمة. بدأ اهتمامه بهذا المجال منذ طفولته، ونجح على مدى سنوات طويلة في تكوين مجموعة فريدة تضم عملات سورية تعود إلى مختلف الحقب التاريخية، بدءاً من إصدارات عام 1919 وصولاً إلى العملات الحديثة، شارك في معارض محلية ودولية، ويُعد اليوم واحداً من أبرز جامعي العملات في سوريا، حيث يسعى من خلال هوايته إلى الحفاظ على هذا الإرث ونقله إلى الأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة