بعد أكثر من ثماني سنوات من الغياب، عاد الثلاثيني علي العلي مع إخوته إلى أرياف مدينة الرقة ليواصلوا مهنة بيع الحصير والسجاد التي ورثوها عن أسرتهم.
ينحدر علي من منطقة بزاعة في ريف حلب، إذ يقوم بشراء كميات من الحصير وتسويقها في أرياف مدينة الرقة. يقول علي: “نحن نشتري الحصير من المعامل في حلب، وهذه المهنة جزء من تراثنا، وعمل تفتخر به عائلتنا.”
عمل علي لا يخلو من المشقة، إذ يعتمد على حمل الحصير على أكتافهم والسير في الشوارع والقرى عارضين بضاعتهم على السكان، متجاوزين التعب والجهد اليومي. يتنقلون بين القرى والأزقة حاملين أعباء الجسد، وهم يتحدثون مع كل زبون ويحاولون إيصال قيمة الحصير وتسويقه. لا تقتصر مشقة العمل على نقل البضائع فقط، بل تتعداها إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهونها في عملهم اليومي.
من بين التحديات التي تواجه علي وأشقاؤه مشكلة الجمركة، حيث تُفرض رسوم مرتفعة على شحنات الحصير الواردة إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. هذه الرسوم تزيد من كلفة البضاعة، مما يحد من حجم الكميات التي يمكن إدخالها، ويجعل البيع صعبًا أمام المنافسة. يؤكد علي أن الجمركة أصبحت عبئًا جديدًا يُضاف إلى صعوبات عملهم، وتجعل من الصعب تحقيق الأرباح المطلوبة لاستمرارية تجارتهم. “الجمركة تأخذ جزءًا كبيرًا من دخلنا، ونحن نحاول التأقلم رغم ذلك لأننا نؤمن بعملنا وأهميته.”
رغم هذه الصعوبات، يظل العزم والإصرار عنوان رحلة علي. يقول: “نحن نستمر رغم كل التحديات، لأن هذا العمل هو مصدر رزقنا وكرامتنا، ولا نريد أن نفقد اتصالنا بتراثنا.”
تجسد قصة علي حياة آلاف الشباب في الريف السوري الذين يواصلون العمل بكل جهد رغم الظروف المعقدة، مؤمنين بأن الصبر والعمل هما الطريق لتحقيق حياة أفضل.
هذا الإصرار يظهر في كل خطوة يخطوها علي، وفي كل قطعة حصير يحملها على أكتافه، رغم التعب والضغوط الاقتصادية والتحديات الجمركية. يختتم علي حديثه بالقول: “ما يعزز قوتنا هو أن نرى ابتسامة رضا عند الزبائن.”