إعادة تأهيل محطة جندر في حمص: خطوة حيوية نحو تعزيز شبكة الكهرباء

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

أعلن مدير العلاقات العامة في وزارة الطاقة لمحافظة حمص، مؤيد المفرج في حديث لمنصة سوريا 24، عن إنجاز أعمال الصيانة الفنية الشاملة للعنفة الأولى في محطة جندر الحرارية بريف حمص.

يأتي ذلك تمهيداً لعودتها إلى الخدمة خلال الشهر القادم، إذ تُعتبر هذه الخطوة نقلة نوعية في مساعي تحسين تغذية الكهرباء في عموم البلاد، لا سيما في ظل الأزمة الممتدة في قطاع الطاقة.

وتقع محطة جندر الحرارية على بعد نحو 30 كيلومتراً جنوب مدينة حمص، وتُعد واحدة من أبرز المحطات الكهربائية الاستراتيجية في سوريا، حيث تتموقع في قلب البلاد، مما يُمكّنها من توزيع الطاقة المنتجة إلى مختلف المحافظات بخسائر أقل في نقل الكهرباء.

كما تلعب المحطة دوراً محورياً في ربط الشبكات الكهربائية بين الجنوب والشمال، إذ تُستخدم كحلقة وصل بين شبكة دمشق وحلب.

تعاون مشترك بين القطاعين العام والخاص

تُنفّذ أعمال الصيانة الحالية بالتعاون بين الشركات الإنشائية التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان وشركة “إنيرجي كير”، إحدى الشركات الخاصة الرائدة في مجال صيانة وتأهيل المعدات الكهربائية والصناعية.

وتركز الأعمال على إصلاح العنفة البخارية الأولى، التي كانت متوقفة عن العمل لسنوات جراء الأضرار الناتجة عن الحرب وانقطاع الصيانة الدورية.

وقد تضمنت أعمال الصيانة:

– إصلاح شفرات العنفة البخارية، التي تُعد من المكونات الحيوية لتحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية.

– استبدال ملفات المحرك الكهربائي، لضمان كفاءة عالية في توليد الكهرباء.

– صيانة شاملة لنظام التحكم والتشغيل الآلي، بما يضمن التشغيل الآمن والمستقر.

إضافة 90 ميغاواط “مجانية” للشبكة

وأكد مدير العلاقات العامة في وزارة الطاقة بمحافظة حمص، مؤيد المفرج، أن إعادة تشغيل العنفة الأولى ستسهم في إدخال 90 ميغاواط إلى الشبكة الكهربائية الوطنية، دون الحاجة إلى استهلاك وقود إضافي، نظراً لاعتمادها على الدورة المركبة (Combined Cycle)، التي تُعيد استخدام الغازات الساخنة الناتجة من العنفة الغازية لتوليد طاقة إضافية بكفاءة أعلى.

وقال المفرج:  “هذه القدرة تُعد مجانية من حيث استهلاك الوقود، لأنها تستفيد من الطاقة المهدرة سابقاً. إنها أولوية استراتيجية لأنها ترفع من كفاءة الإنتاج وتقلل من تكاليف التشغيل”.

أهمية الشراكة بين القطاع العام والخاص

أشار المفرج إلى أن نجاح هذه العملية يُعد نموذجاً ناجحاً للشراكة بين القطاع العام والخاص، حيث يُقدّم القطاع الخاص الكفاءة الفنية والتجهيزات المتقدمة التي يفتقدها القطاع العام، بينما يُوفّر القطاع العام البنية التحتية والدعم المؤسسي.

وأوضح: “شركة إنيرجي كير تمتلك مصانع متخصصة في إعادة لف المحاور الثابتة للمولدات الكهربائية، ولديها خبرة في صيانة المحولات والمعدات ذات الاستطاعات الكبيرة، وهي إمكانات لم تعد متوفرة في كثير من ورشات الدولة. هذه الشراكة تُعيد تأهيل المعدات بدلاً من استيراد بديل باهظ الثمن”.

تعزيز الثقة المجتمعية من خلال الشفافية

وأكد المفرج على أهمية بناء الثقة مع المواطن، داعياً إلى ضرورة وضع جداول زمنية شفافة للإعمار والصيانة، والالتزام بها أو إبلاغ الجمهور بأي تأخيرات ومعوقات.

وتابع: “إذا أردنا تعزيز العلاقة بين الدولة والمجتمع، فعلينا أن نكون صريحين مع المواطن. إذا تأخر المشروع، يجب توضيح السبب: هل هو نقص في القطع، أم تأخير في التمويل، أم عقوبات اقتصادية؟ هذا الشفاف يبني الثقة”.

محطة جندر: ركيزة في المشهد الكهربائي السوري

تُعد محطة جندر من أقدم وأهم المحطات الكهربائية في سوريا، حيث دخلت الخدمة في السبعينيات، وشهدت توسعاً كبيراً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وقد تضررت بشكل كبير خلال سنوات النزاع، لكنها ظلت تحظى بأولوية في خطط إعادة التأهيل نظراً لموقعها الجغرافي الحيوي وقدرتها على تغذية مناطق واسعة.

ومن المتوقع أن تُسهم عودة العنفة الأولى في تخفيف الضغط على المحطات الأخرى، مثل محطتي حلب والسويداء، كما ستساعد في تحسين جودة التغذية في محافظات حمص، حماة، ريف دمشق، وصولاً إلى حلب.

آفاق مستقبلية

مع استمرار الجهود لإعادة تأهيل الوحدات الأخرى في المحطة، تُعقد آمال كبيرة على تعميم نموذج الشراكة القائمة في جندر على مشاريع أخرى في قطاع الطاقة، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وشح الموارد.

ويبقى تأهيل محطة جندر رمزاً لصمود البنية التحتية، وإشارة إلى أن الانتعاش التدريجي في قطاع الكهرباء، وإن كان بطيئاً، ما زال ممكناً بفضل الكفاءات الوطنية والتعاون الاستراتيجي.

مقالات ذات صلة