يشتكي أهالي مدينة الميادين بريف دير الزور من تدني مستوى الخدمات الصحية في بعض المراكز الطبية الخاصة، وغياب الرقابة الفعالة، وارتفاع تكاليف العلاج من دون مقابل من الجودة أو الكفاءة.
وطالب الأهالي الجهات المختصة بضرورة التحقق من مدى التزام تلك المنشآت بالمعايير الصحية والفنية والإدارية المطلوبة، وضمان تقديم خدمات طبية آمنة وفعالة للمواطنين.
وفي السياق، نفذ فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في محافظة دير الزور جولات ميدانية مفاجئة شملت عدداً من المشافي الخاصة في مدينة الميادين.
وقال عبد الله الحسين، من سكان دير الزور في حديث لمنصة سوريا 24: “إن الوضع الصحي في دير الزور سيئ جداً، إذ إن المشافي بالأصل لم تكن تقدم الخدمات في زمن النظام السابق، وكانت قد تعرضت للسطو المسلح، ويضاف إلى ذلك أن الحكومة السورية غير قادرة على دعم القطاع الصحي لضعف الإمكانات، ما يجبر الأهالي والمرضى على التوجه إلى دمشق”.
تفاصيل الجولات التفتيشية
شملت الجولات التفتيشية الميدانية، التي نُفذت بمشاركة فرق فنية وإدارية متخصصة، مراجعة دقيقة لعدة محاور أساسية، منها:
• الجاهزية الطبية العامة: تقييم مدى توافر الأجهزة الطبية الأساسية، وحالة الصيانة، وفعالية استخدامها.
• غرف العمليات وغرف التعقيم: التأكد من توافقها مع الشروط الصحية والوقائية، ومدى التزامها ببروتوكولات التعقيم والسلامة.
• الصيدليات: مراقبة نوعية الأدوية المتوفرة، وصلاحيتها، وطريقة تخزينها، ومدى التزامها بالأسعار الرسمية.
• المخابر الطبية: التحقق من دقة الفحوصات، وصلاحية الأجهزة، وتوثيق النتائج.
• التراخيص الإدارية: مراجعة صحة التراخيص الممنوحة لكل منشأة، وتواريخ تجديدها، وهوية الممارسين الطبيين العاملين فيها.
• تدقيق الفواتير: كشف أي مخالفات مالية أو تلاعب في الأسعار أو فواتير غير قانونية.
وأكدت الهيئة في بيان رسمي عقب انتهاء الجولات أن “أي مخالفة يتم رصدها ستُحال فوراً إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية المناسبة بحق المخالفين، بما في ذلك إغلاق المنشآت غير المطابقة أو سحب التراخيص في حال تكرار المخالفات”.
شكاوى المواطنين تُسمع وتُعالج
وقال أحمد طعمة، من مكتب إعلام الرقابة والتفتيش في حديث لمنصة سوريا 24: “إن هذه الخطوة مهمة جداً، وليست روتينية أو شكلية. نحن نسعى من خلالها لإيصال رسالة واضحة وقوية إلى أهالي الميادين والمنطقة عموماً، مفادها أن شكاواهم وصلتنا، وأنها تُسمع وتُعالج بإذن الله. المواطن شريك أساسي في عملية الرقابة، ودوره لا يقل أهمية عن دور المؤسسات الرسمية. نحن هنا لنصغي إليه ونتحرك بناءً على ما يعانيه”.
وأضاف طعمة، متحدثاً عن واقع المنشآت الصحية في المنطقة: “واقع المنشآت التي جرى تفتيشها كان، بصراحة، سيئاً جداً — بل أسوأ بكثير مما يمكن لأي مراقب أو مواطن أن يتصور”.
وتابع أن المشكلة الأكبر كانت في جانب النظافة، الذي جاء في المرتبة الأولى من حيث التدني والخطورة. أما المرتبة الثانية فكانت من نصيب الجاهزية الطبية، حيث لوحظ غياب واضح للأجهزة الأساسية أو وجودها في حالة غير صالحة للاستخدام، ما يهدد سلامة المرضى ويزيد من مخاطر الأخطاء الطبية”.
لا تحديات ولا صعوبات؟
وعند سؤاله عن التحديات والصعوبات التي قد تواجه الهيئة في تنفيذ هذه الحملة أو في متابعة نتائجها، رد طعمة: “لا أتوقع وجود تحديات أو صعوبات حقيقية في هذا الملف. الأمر لا يتطلب سوى إرادة حقيقية وتطبيق دقيق للأنظمة والقوانين. نحن لسنا أمام عقبات تقنية أو لوجستية مستعصية، بل أمام مسألة تنفيذ والتزام. وإذا توفرت الإرادة، فكل شيء ممكن”.
خطة مستقبلية: تعزيز المشفى الوطني لتخفيف الأعباء
أما فيما يخص الخطط المستقبلية لدعم البنية التحتية الصحية في منطقة الميادين، فقد كشف طعمة عن رؤية عملية وواقعية تستهدف معالجة جذور المشكلة، وليس فقط معالجة أعراضها: “الحل الاستراتيجي يكمن في تعزيز دور المشفى الوطني في الميادين وتحويله إلى مركز صحي متكامل وحديث. نحن بحاجة إلى تجهيزه بكل المستلزمات الطبية من أجهزة وكوادر مؤهلة، وتأمين الأدوية الأساسية، وتحسين بيئة العمل فيه. إذا تم ذلك، فسيكون لذلك أثر كبير في تخفيف العبء عن الأهالي، وتقليل اضطرارهم للجوء إلى المشافي الخاصة — التي غالباً ما تكون باهظة التكاليف وغير خاضعة للرقابة الكافية وغير مضمونة الجودة. حينها لن يضطر المواطن لدفع مبالغ كبيرة مقابل خدمات يمكن أن يحصل عليها مجاناً أو بتكلفة رمزية في مشفى وطني مهيأ كما يجب”.
خاتمة: رسالة طمأنة وتعهد بالاستمرار
يشار إلى أن هذه الحملة ليست حدثاً عابراً، بل هي بداية لمرحلة جديدة من الرقابة الصحية الميدانية، التي تهدف إلى “إعادة الثقة بين المواطن والمؤسسة الصحية، وضمان حقه في الحصول على خدمة طبية آمنة وكريمة”.
ويبقى الرهان على استمرارية هذه الجهود وتوسيع نطاقها لتشمل كل المنشآت الصحية في المنطقة، وربط نتائجها بخطط تطويرية فعلية، تُترجم على الأرض من خلال تحسين واقع المشافي الوطنية، وتوفير بدائل حقيقية للمواطنين بعيداً عن الابتزاز أو التقصير.