تشهد الجزيرة السورية تحديات متزايدة في قطاع الثروة الحيوانية، نتيجة تراجع معدلات الأمطار وارتفاع أسعار الأعلاف التقليدية، وهو ما دفع كثيرًا من المربين إلى بيع جزء من قطعانهم لتقليل الخسائر، غير أن تجربة زراعية جديدة في ريف عامودا، تتمثل بزراعة نبات “البونيكام”، قدّمت بارقة أمل للمزارعين، وفتحت نقاشًا واسعًا حول إمكانية اعتمادها كحل عملي ومستدام.
البونيكام، نبات علفي معمر، يملك قدرة على التكيف مع المناخ الجاف، ويحتاج كميات أقل من المياه مقارنة بمحاصيل أخرى مثل الشعير والبرسيم، وبحسب مزارعين تحدثوا لـ”سوريا 24”، فإن “هذا المحصول يتميز بقيمته الغذائية العالية واحتوائه على نسب بروتين جيدة، ما ينعكس بشكل مباشر على صحة الحيوانات وزيادة إنتاجيتها من الحليب واللحوم”.
ويشير المهندس الزراعي محمد العلي إلى أن “أهم ما يميز البونيكام هو استمراره لعدة سنوات دون الحاجة لإعادة زراعته، مما يقلل التكاليف السنوية على المزارعين ويمنحهم استقرارًا في تأمين العلف”.
في حديث خاص لـ”سوريا 24”، يقول المربي خالد من ريف عامودا: “بعد تجربة زراعة البونيكام هذا الموسم، لاحظنا تحسناً في وزن الماشية وصحتها، إضافة إلى انخفاض تكاليف التغذية مقارنة بشراء الأعلاف الجاهزة، صحيح أن التجربة ما تزال في بدايتها، لكن نتائجها مبشرة جدًا”.
وأوضح أن “أكبر مشكلة تواجه المربين اليوم هي ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة، وعدم توفر بدائل محلية، لذلك تجربة البونيكام منحتنا خياراً جديداً، وإن وجد دعم أوسع يمكن أن يحدث فرقاً حقيقياً في حياة المربين”.
ورغم المؤشرات الإيجابية، يرى بعض المزارعين أن نجاح التجربة يحتاج إلى خطط أوسع لتعميمها، تشمل توفير البذور بكميات كافية، وتدريب المزارعين على طرق الزراعة الحديثة.
ويؤكد المهندس الزراعي محمد أن “زراعة البونيكام قد تشكل ركيزة أساسية في التكيف مع التغير المناخي، لكن الأمر يتطلب تكامل الجهود بين المزارعين، المؤسسات المحلية، والمنظمات الداعمة”.
وبينما ينتظر المزارعون توسع التجربة وانتشارها على نطاق أوسع، تبرز تجربة عامودا كمثال عملي على أن الابتكار الزراعي يمكن أن يتحول إلى أداة بقاء وصمود في وجه الأزمات الممتدة منذ سنوات.