تشهد منطقة ريف القامشلي في محافظة الحسكة أزمة متفاقمة في زراعة الزيتون، إذ يعاني المزارعون من ضعف الإنتاج وفشل المحاصيل، رغم أن المناخ شبه الجاف في المنطقة يُعد ملائمًا لهذه الشجرة. وتعود الأسباب، وفق شهادات المزارعين والخبراء، إلى قلة المياه، وضعف الوعي بأساليب الزراعة الصحيحة، إضافة إلى مشكلات متعلقة بجودة الشتلات وطريقة العناية بالأشجار.
الزيتون لم ينجح والإنتاج ضعيف
المزارع عبد الحميد من قرية هيمو في ريف القامشلي أكد لمنصة “سوريا 24” أن زراعة الزيتون في المنطقة لم تحقق أي نجاح، فالإنتاج ضعيف، وعدد المزارعين الذين يستمرون بزراعته قليل جدًا.
وأوضح أن أكبر المشكلات تكمن في قلة المياه، حيث تعتمد الأراضي على الأمطار التي أصبحت غير كافية. حتى الآبار التي حُفرت بعمق 100 متر لا تعطي سوى نصف ساعة من الماء، وهو ما لا يكفي لري الأشجار. وأضاف أن التربة عطشى، والأشجار تعاني من نقص حاد في المياه.
وأشار إلى أنه جرب المبيدات والأسمدة على أمل أن تتحسن الزراعة، لكن النتائج كانت سلبية، مرجحًا أن تكون التربة غير مناسبة كليًا أو أن هناك خطأ في طرق الزراعة والعناية.
خسائر مالية وزيتون يحتضر
المزارع علي المحمود من قرية الثورة في ريف القامشلي تحدث لـ”سوريا 24″ عن فشل تجربته رغم كل محاولاته. وقال إنه استقدم شتلات زيتون من عفرين بعد أن قيل له إنها تنجح في أي منطقة، لكن الأشجار ضعفت وماتت تدريجيًا، وأصيبت بالديدان حتى أصبحت يابسة وكأنها محترقة.
وبيّن أنه اضطر لقص بعض الأشجار بعدما فقد الأمل فيها، لكنه لا يزال مترددًا في قطع البقية. وأضاف أنه لم يوفر أي جهد، فجرب جميع أنواع المبيدات والأدوية الزراعية محاولًا إنعاش التربة والجذور، إلا أن الوضع لم يتحسن إطلاقًا.
وأكد أن مشكلة المياه زادت من معاناته، حيث اضطر إلى شراء صهاريج بكلفة عالية لري الأشجار، ما أثقل كاهله ماديًا، في وقت لم يحصل فيه على أي مردود. ووصف تجربته بأنها استنزفت الجهد والمال بلا نتيجة.
خبير زراعي: المناخ مناسب والمشكلة في غياب الوعي
المهندس الزراعي فهد أوسي أوضح لـ”سوريا 24″ أن أسباب فشل زراعة الزيتون في القامشلي لا تتعلق بالمناخ أو التربة، بل بضعف المعرفة بأساليب الزراعة. وقال إن المناخ شبه الجاف في المنطقة يُعد مناسبًا جدًا لشجرة الزيتون، خاصة الأصناف البلدية سواء المخصصة لإنتاج الزيت أو للمخلل.
وأشار إلى أن شجرة الزيتون لا تحتاج إلى السقاية إذا تجاوز معدل الهطل المطري 500 ملم، أما في سنوات الجفاف فيجب اعتماد نظام ري علمي ومدروس. وأضاف أن كثيرًا من المزارعين لا يعرفون المتطلبات الصحيحة للسقاية، ما يؤثر مباشرة على نمو الأشجار وإنتاجيتها.
ولفت إلى أن الأمراض والحشرات ليست السبب في ضعف الإنتاج، فهي سهلة المكافحة، لكن المشكلة تكمن في غياب الخبرة بتقليم الأشجار وأساليب العناية بها. كما حذّر من انتشار الغش في بيع الشتلات، حيث يتم تسويق أصناف غير ملائمة للمنطقة، بينما يفتقر المزارعون للقدرة على التمييز بين الأنواع المناسبة وغير المناسبة.
واقع الزراعة بين التحديات والحلول
رغم أن المناخ في القامشلي يُعد بيئة مثالية لزراعة الزيتون، فإن غياب المعرفة العلمية بطرق الري والتقليم، إضافة إلى قلة المياه وانتشار الغش في الشتلات، جعل هذه الزراعة مشروعًا متعثر النتائج. ومع استمرار المزارعين في إنفاق الجهد والمال دون جدوى، تبقى شجرة الزيتون في المنطقة بحاجة إلى إدارة زراعية أكثر وعيًا وتوجيهًا عمليًا يواكب متطلباتها.