موسم التفاح في كفر كمرة بريف حماة: بين تراجع الإنتاج وتزايد الطلب

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

في ظل تغيرات مناخية حادة وظروف زراعية صعبة، شرع المزارعون في قرية كفر كمرة جنوبي مدينة مصياف بريف حماة الغربي، بموسم قطاف التفاح هذا العام بشكل مبكر، مسجلين انطلاقة غير مسبوقة لعملية الحصاد التي عادة ما تبدأ بعد منتصف شهر أيلول من كل عام.

تحديات بيئية وخدمية

ومع بدء عمليات القطف، يُظهر الموسم واقعًا معقدًا تتداخل فيه التحديات البيئية والخدمية مع بوادر إيجابية في مجال التسويق والطلب، حسب مراسل منصة سوريا 24 في حماة.

وتُعد قرية كفر كمرة واحدة من أبرز المناطق المنتجة للتفاح في ريف حماة الغربي، حيث تمتد بساتينها على منحدرات ترابية خصبة، وتعرف بجودة محصولها الذي يصدر إلى مختلف المحافظات السورية.

لكن الموسم الحالي يحمل معه تقلبات واضحة في توقيت النضج، دفعت المزارعين إلى البدء بالقطف قبل موعده التقليدي، وسط مخاوف من تأثيرات الجفاف المستمرة وشح المدخلات الزراعية.

بدء مبكر للقطف بسبب الجفاف والحر

وأوضح محمود سرور، فلاح وتاجر وصاحب بستان تفاح في قرية كفر كمرة، في حديث لمنصة سوريا 24، أن موسم القطف بدأ قبل موعده المعتاد بحوالي أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، نتيجة “موجة جفاف طويلة وارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة خلال فصل الصيف”، ما سرّع من نضج الثمار ودفع المزارعين إلى الحصاد المبكر لتفادي خسائر أكبر.

وقال سرور: “عادة ما نبدأ بقطف التفاح بعد منتصف شهر أيلول، ولكن هذا العام، بسبب الجفاف الشديد وارتفاع الحرارة، بدأ النضج مبكرًا، وبدأ القطاف من أوائل الشهر. هذا يؤثر على حجم الثمرة وجودتها، إذ إن النضج المبكر غالبًا ما يعني ثمارًا أصغر وطعمًا أقل توازنًا”.

ندرة الأدوية الزراعية والأسمدة تهدد الإنتاج

وأشار سرور إلى أن المزارعين يواجهون صعوبات كبيرة في تأمين المستلزمات الزراعية الأساسية، موضحًا أن “ندرة الأدوية الزراعية والأسمدة أصبحت من أبرز التحديات التي تهدد استدامة الإنتاج”.

وأضاف أن “الأسعار ارتفعت بشكل كبير، بينما تراجعت كميات الواردات، ما يجعل من الصعب على المزارع الصغير تحمّل التكاليف، خاصة مع تدني العائدات الناتجة عن تقلبات السوق”.

وذكر أن بعض المزارعين اضطروا إلى تقليص كميات الأسمدة المستخدمة، أو الاعتماد على بدائل تقليدية، ما ينعكس سلبًا على جودة التفاح وكمياته، مشيرًا إلى أن “الإنتاج هذا العام أقل من العام الماضي بنحو 20% في المتوسط، خصوصًا في البساتين التي تعتمد على الري المطري”.

طرق وعرة وصعوبة الوصول إلى البساتين

إلى جانب التحديات المناخية، يعاني المزارعون في كفر كمرة من تدهور البنية التحتية للطرق الواصلة إلى البساتين.

ولفت سرور إلى أن “الطرق الواصلة إلى معظم البساتين في المنطقة وعرة جدًا وتحتاج إلى صيانة عاجلة، ما يصعّب من عملية نقل المحصول، ويزيد من تكلفة النقل، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الوقود”.

وأضاف: “نضطر أحيانًا إلى استخدام الحمير أو النقل اليدوي في بعض البساتين النائية، ما يزيد من تكاليف العمل، ويعرض التفاح للتلف أثناء النقل بسبب التعرجات الشديدة”.

انفتاح تسويقي يعد بارقة أمل

رغم التحديات الكبيرة، يعد موسم التفاح الحالي أكثر إيجابية من حيث التسويق مقارنة بالموسم الماضي.

وحسب سرور، فإن “الوضع التسويقي تحسن بشكل ملحوظ”، موضحًا أن “هناك نوعًا من الانفتاح على باقي مناطق سوريا، حيث بدأ التجار من محافظات حلب ودمشق وحمص واللاذقية والسويداء بالقدوم مباشرة إلى البساتين لشراء التفاح، ما خفف من اعتمادنا على الوسطاء، ورفع من أسعار البيع المباشر”.

وأضاف: “التجار يأتون الآن إلى الحقول ويتفاوضون مع المزارع مباشرة، وهذا يمنحنا نسبيًا قدرًا أكبر من العدالة في التسعير. كما أن الطلب ارتفع، والتفاح الكفركمري يعد من النوعيات المميزة، ما يزيد من تنافسيته في الأسواق”.

توقعات بارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية

مع انخفاض الكميات المنتجة وارتفاع التكاليف، يتوقع المزارعون أن تشهد أسعار التفاح ارتفاعًا في الأسواق المحلية خلال الأشهر المقبلة.

ورغم أن السعر الحالي في البستان يتراوح بين 4500 و6000 ليرة سورية للكيلو، فإن سعر البيع في الأسواق قد يتجاوز 12000 ليرة، خصوصًا مع بدء موسم التخزين والتوزيع.

يُختتم موسم قطاف التفاح في كفر كمرة هذا العام بمشهد مركب: من ناحية، تلوح تحديات بيئية واقتصادية كبيرة تهدد استمرارية الزراعة في المنطقة، بينما تُظهر التطورات التسويقية بوادر تفاؤل تعكس قدرة المزارعين على التكيف مع الظروف الصعبة والانفتاح على أسواق جديدة.

مقالات ذات صلة