الرقة: شباب نازحون يحولون التحديات إلى قصة نجاح

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

في قلب الحقول الممتدة حول مدينة الرقة، يلمع اسم الشاب العشريني خلف الحسن كقصة نجاح صنعتها الحاجة والإصرار. لم يأتِ خلف وحيدًا، بل اصطحب إخوته وعددًا من رفاقه النازحين من قرية الشميطية في ريف دير الزور، ليكتبوا معًا فصلًا جديدًا من العمل الجماعي في زمن يثقل كاهل الأهالي بالأزمات الاقتصادية والنزوح.

ما يميّز هذه المجموعة الصغيرة أنهم كسروا النمط التقليدي في موسم الحصاد. بدلًا من الاعتماد على الأيدي العاملة المرهقة والطرق البطيئة، حمل الشباب على أكتافهم ماكينات حديثة صغيرة الحجم، لكنها قادرة على إنجاز العمل بدقة وسرعة مذهلتين. هذه النقلة لم تقتصر على تحسين إنتاجية الفلاحين، بل غيّرت نظرتهم إلى طريقة الحصاد ذاتها.

المزارع عبد الله العويد من قرية الكسرات، عبّر عن دهشته قائلاً لمنصة سوريا 24: “لم أرَ شيئًا كهذا من قبل. الحصاد يتم بسرعة، والأدوات تحافظ على جودة المحصول. والأجمل أن الأسعار معقولة جدًا مقارنة بالعمل اليدوي.”

لكن خلف الحسن يرى أن سر نجاحهم أبعد من مجرد أدوات جديدة. فهو يؤكد أن التواصل المباشر مع المزارعين وتطوير الخبرة باستمرار هما الأساس. يقول لسوريا 24: “نحن لا نبحث عن الربح فقط، بل نحاول أن نكون عونًا للفلاحين. لذلك جعلنا أسعارنا منخفضة، واعتمدنا أسلوبًا يقلل من الخسائر التي تسببها الطرق القديمة.”

ورغم حنينه لمسقط رأسه في دير الزور، يوضح خلف أنه لا يفكر في العودة الآن، فالوضع هناك لا يفتح بابًا للرزق، بينما الرقة – رغم قسوة واقعها – منحتهم فرصة للحياة والعمل. هذه المفارقة تلخص حال كثير من الشباب النازحين الذين وجدوا في الرقة مأوى وفرصة، بدلًا من انتظار المجهول.

أثر مبادرتهم لم يتوقف عند حدود الحقول، بل امتد ليمنح فرص عمل لشباب آخرين من النازحين والمهجّرين، ما ساهم في تخفيف معدلات البطالة في المناطق الريفية. إنها ليست مجرد قصة حصاد، بل قصة عزيمة حولت أزمة النزوح إلى فرصة إنتاج.

اليوم، يُنظر إلى تجربة خلف الحسن وإخوته كنموذج حيّ على أن الابتكار والمبادرة يمكن أن ينعشا الاقتصاد المحلي، حتى وسط الظروف الصعبة. وربما لو حظيت هذه الجهود بدعم ورعاية من الجهات المعنية، فإنها ستفتح الطريق أمام ثورة صغيرة في عالم الخدمات الزراعية، وتحمل بشائر أفضل للمزارعين والأسر الريفية في المنطقة.

مقالات ذات صلة