مع اقتراب الموسم الدراسي الجديد، تشهد أسواق دمشق وريفها حركة ملحوظة لشراء المستلزمات المدرسية، غير أن ارتفاع الأسعار جعل هذه المهمة عبئًا ثقيلًا على عاتق الأهالي، ولا سيما في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
خلال جولة منصة “سوريا 24” في أسواق العاصمة، رُصدت أسعار الحقائب المدرسية التي تراوحت بين 100 ألف ليرة سورية وصولًا إلى 250 ألف ليرة، بحسب النوع والجودة والحجم، مع وجود فروقات من محل إلى آخر. الأمر ذاته ينسحب على أسعار القرطاسية التي شهدت بدورها قفزات ملحوظة مقارنة بالأعوام السابقة.
افتتاح المدارس كابوس مالي
سوسن، أم لأربعة أطفال، كانت تتسوق في أحد محال دمشق، وقالت في حديثها إلينا: “اضطررت إلى شراء أربع حقائب جديدة كلفتني حوالي 380 ألف ليرة، وهذا مبلغ مرتفع جدًا بالنسبة لذوي الدخل المحدود، خاصة أن كل طفل يحتاج إلى زي مدرسي وحذاء وقرطاسية، ما يجعل افتتاح الموسم الدراسي كابوسًا ماليًا حقيقيًا للعائلات”.
من جانبه، وليد عبد الله، أب لثلاثة طلاب في المرحلة الابتدائية، أكد أنه لم يتمكن من شراء سوى حقيبتين فقط، فيما أجّل شراء الثالثة إلى حين استلام راتبه الشهري مطلع الشهر المقبل. وأضاف: “باتت مستلزمات المدرسة تستنزف نصف الدخل الشهري تقريبًا، وهذا فوق طاقة أي أسرة سورية اليوم”.
مبررات التجار
في المقابل، برر محمد علي، صاحب محل حقائب في سوق الخجا بدمشق، وهو أحد الأسواق المتخصصة ببيع الحقائب، ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى أن “تكاليف الإنتاج وأجور اليد العاملة ارتفعت بشكل كبير، إلى جانب تخبط سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، ما انعكس مباشرة على ثمن المواد الأولية المستخدمة في صناعة الحقائب”. وأردف قائلًا: “نحن لا يمكن أن نبيع بخسارة، الأسعار مفروضة علينا من المعامل، ولسنا وحدنا من يتحمل المسؤولية”.
حلول مؤقتة واستغناء عن الجديد
عدد من الأهالي لجأوا إلى حلول بديلة، أبرزها الاستغناء عن شراء الحقائب الجديدة، والاكتفاء باستخدام حقائب العام الماضي. هذا ما أشار إليه أبو أحمد، وهو موظف في إحدى الدوائر الحكومية بريف دمشق، حيث أوضح أنه “أعاد تنظيف حقائب أطفاله الثلاثة، واكتفى بشراء دفاتر وأقلام فقط، لأن راتبه الشهري بالكاد يغطي احتياجات المعيشة الأساسية”.
فيما عبّرت رانيا، معلمة مدرسة ابتدائية، عن أسفها للوضع الحالي، قائلة: “نرى الأطفال يأتون بحقائب قديمة ممزقة أو دفاتر غير مكتملة، وهذا يؤثر على نفسياتهم، لكن الأهالي مضطرون لذلك في ظل الغلاء الخانق”.
بين الواقع والآفاق
ارتفاع أسعار الحقائب والقرطاسية مع بداية كل عام دراسي لم يعد حدثًا طارئًا في سوريا، بل بات جزءًا من معاناة موسمية تتكرر سنويًا، لتُضاف إلى قائمة الأعباء الاقتصادية التي ترهق الأسر السورية. وبين مبررات التجار وصعوبات الأهالي، يبقى الأطفال الحلقة الأضعف، وهم من يدفعون الثمن النفسي والمعنوي لهذا الواقع.