رحلة اندماج صامتة: سامر دعبول يوثّق حياة السوريين في هولندا

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

قبل نحو عامين، وصل الصحفي السوري سامر دعبول إلى هولندا، حاملاً معه ذاكرة النزوح وأسئلة معلقة عن الانتماء.

ومنذ ذلك الوقت، يحاول سامر، حسبما يقول لمنصة سوريا 24، أن يجد طريقه في مجتمع جديد من خلال مشروع فوتوغرافي إنساني بعنوان: “رحلة الاندماج الصامتة”.

يقول دعبول إن “المشروع يسعى إلى إظهار التحولات التي يعيشها السوريون بعد الاستقرار القانوني، حين تبدأ مرحلة أكثر تعقيدًا من محاولة بناء الذات والانتماء”.

يركز المشروع، بحسب سامر، على ما بعد الحصول على تصريح الإقامة، حيث تبدأ رحلة البحث عن البيت والهوية.

ومن خلال الصور، يروي سامر حكاية شاب وصل حديثًا وانتقل إلى منزله الأول محاولًا التأقلم في بيئة لا يعرف فيها أحد، إلى جانب قصة شابة تعيش في هولندا منذ سنوات وقد بنت منزلها بلمسة تمزج بين الثقافة السورية والهولندية.

هاتان التجربتان تكشفان، من وجهة نظر سامر، أن الاندماج ليس محددًا بزمن ولا يعني محو الهوية، بل هو عملية مستمرة من التفاعل بين الماضي والمجتمع الجديد، تتشكل من التفاصيل الصغيرة: الصبر، القرارات اليومية، والبحث الدائم عن معنى الانتماء.

يؤكد سامر إيمانه بأن الصورة “قد تثير نقاشًا أو تغير وجهة نظر”، مضيفًا: “أعتقد أنها بداية حوار حقيقي”.

ومن هنا، يغوص مشروعه في تفاصيل العيش في المنتصف، بين ماضٍ قريب لا يغيب وحاضر معقد نعيد فيه تشكيل ذواتنا، باحثين عن كيفية زرع جذور في الغربة دون أن نمحو ملامحنا السورية.

وقد عُرض المشروع في مدينة أمستردام ضمن فعالية جمعت تسعة مصورين، كان سامر واحدًا منهم.

تضمنت الفعالية عرض الصور أمام الجمهور ومناقشات مفتوحة، حيث قدم كل مصور دوافعه وراء اختياراته الفنية وما يحاول التعبير عنه، إضافة إلى تقديم تعريف شخصي والحديث عن بداياته مع التصوير والشغف الذي قاده إلى هذه التجربة.

أُطلق هذا المشروع بالتعاون مع منظمة RFG، وهي منظمة تعمل مع الصحفيين اللاجئين، وتضع نصب عينيها مهمتين أساسيتين: الأولى مساعدة هؤلاء الصحفيين على إيجاد مكان لهم في سوق العمل وإيصال أصواتهم بشكل أكثر وضوحًا وفعالية، والثانية إغناء المشهد الإعلامي من خلال وجهات نظر متنوعة تعكس خبراتهم وتجاربهم السابقة.

وتقدم المنظمة برنامجًا تدريبيًا يركز على الإبداع الجماعي، حيث يعمل المشاركون على تطوير “مفهوم بصري” خاص بهم ضمن إطار التصوير الوثائقي، ويصوغ كل فنان سلسلته الخاصة داخل المشروع.

وتشمل الأنشطة ورش عمل معمقة يقودها مصورون هولنديون ذوو خبرة إلى جانب محترفين آخرين، يتعلم خلالها المشاركون موضوعات مثل التصوير الصحفي، تحرير الصور، وأساليب العرض التقديمي.

كما تُنظم رحلات إلى متاحف أو معارض للتصوير الفوتوغرافي، وأحيانًا إلى مكاتب التصوير في الصحف الهولندية، بما يفتح أمام المشاركين آفاقًا عملية ومهنية جديدة.

من خلال هذا التعاون، قدم سامر صورًا تحكي قصص سوريين في هولندا، يتنقلون بين الذاكرة والحاضر، بين ما فقدوه وما يأملون أن يصبحوا عليه، في تذكير دائم بأن الاندماج ليس نهاية المنفى، بل هو فن الانتماء دون زوال، حيث نتعلم أن نغرس جذورنا في أرض جديدة دون أن نقطع جذور ذاكرتنا.

ويختصر سامر في ختام حديثه رسالته بالقول: “مشروعي هو طريقتي في القول: لم نختفِ.. نحن نعيش، نتذكر، ونعيد بناء أنفسنا دون أن نمحو هويتنا السورية”.

وهكذا تتحول الصور إلى شهادات صامتة، تحمل قصص الذين يستيقظون كل يوم في أرض غريبة، يوازنون بين ما فقدوه وما يأملون أن يصبحوا عليه، ويواصلون رحلة اندماج مستمرة بين الذاكرة والحاضر، في محاولة لإيجاد معنى جديد للانتماء.

مقالات ذات صلة