منبج: ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية يرهق الأهالي

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تستعد مدينة منبج شرق حلب لافتتاح عام دراسي جديد وسط أجواء مثقلة بالهموم المعيشية. فمع بداية الموسم الدراسي، تعود الأسر إلى رحلة البحث عن المستلزمات المدرسية لأطفالها، لكن الغلاء المتصاعد يحول هذه العملية إلى عبء إضافي يثقل كاهل الأهالي الذين يكافحون لتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة. وعلى الرغم من حركة البيع والشراء النشطة في الأسواق، إلا أن المشهد العام يعكس تفاوتاً واضحاً في القدرة الشرائية، حيث يكتفي كثير من الأهالي بشراء الأساسيات فقط، بينما يؤجل آخرون ما تبقى إلى أوقات لاحقة.

إبراهيم الصالح، والد لطفلين، تحدث لـ”سوريا 24” عن معاناته قائلاً: “كنت موظفاً وأعتمد على الراتب في تأمين احتياجات أولادي، لكننا منذ تسعة أشهر بلا عمل ولا راتب. هذا العام قد نضطر لتجهيزهم بالحد الأدنى: دفتر، قلم، وشنطة بسيطة، بعدما كنا نشتري لهم تجهيزات كاملة في السنوات الماضية. الوضع المعيشي صعب، ولا يوجد عمل ولا حركة في السوق”. ويعكس حديثه صورة شريحة واسعة من الأهالي الذين باتوا يواجهون عجزاً حقيقياً عن تلبية أبسط متطلبات أبنائهم التعليمية.

بدورها، روت أم رائد، التي تعمل في مجال الخياطة وتعيل أربع أطفال، تفاصيل مشابهة: “حتى الآن لم أشترِ سوى القليل من الحاجيات. سأجهز لهم دفاتر وأقلام وشنط بسيطة فقط. الأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، ولا نعرف السبب، ربما بسبب تقلبات سعر الدولار. دخلي من الخياطة أصبح أقل من قبل، لكننا نحاول قدر المستطاع”. وتؤكد شهادتها أن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على المستوردات، بل شمل معظم المستلزمات التي يحتاجها الطلاب، مما يجعل تجهيز أكثر من طفل عبئاً لا يطاق على بعض الأسر.

من جهته، أوضح عبد الرحيم الرجب، صاحب مكتبة “الكلمة” في منبج، لـ”سوريا 24″ أن الحركة الشرائية هذا العام أفضل نسبياً من الأعوام السابقة، لكنه شدد على أن الإقبال يبقى محكوماً بقدرة الأهالي على الدفع. وقال: “بدأ البلد يتعافى، وتعافي البلد يرتبط بتحسن العملية التعليمية. ورغم أن الوضع الاقتصادي أثّر بشكل واضح على الأهالي، إلا أن الناس في النهاية مضطرون لتجهيز أولادهم للمدارس بأفضل شكل ممكن”.

وأشار الرجب إلى أن أكثر ما يطلبه الأهالي يتركز على الحقائب والدفاتر والأقلام، فيما يلجأ كثيرون لتقسيم المشتريات على مراحل. وعن الأسعار، أوضح أن الصورة متباينة: “لا يمكن القول إنها ارتفعت كلياً أو انخفضت كلياً، فالمواد المستوردة مثل الحقائب الأجنبية وأنواع من الأقلام ارتفعت أسعارها، بينما بقيت أسعار الصناعات الوطنية كالدفاتر والحقائب المحلية مستقرة أو حتى أقل”.

ويكشف هذا التفاوت عن فجوة واضحة بين الخيارات المتاحة، حيث يجد الأهالي أنفسهم أمام معادلة صعبة بين شراء مستلزمات ذات جودة عالية لكن باهظة الثمن، أو الاكتفاء ببدائل محلية أقل تكلفة لتغطية العدد الأكبر من أبنائهم.

ويؤكد الرجب أن سلوكيات الشراء هذا العام باتت متنوعة: “هناك من يشتري كل شيء دفعة واحدة رغم ارتفاع التكاليف، وهناك من يوزع المشتريات على مراحل حتى لا يثقل على ميزانيته الشهرية”. لكنه يرى أن الحل الحقيقي يكمن في وجود دعم حكومي مباشر، قائلاً: “من الضروري أن تتدخل الدولة عبر تقديم منح للطلاب المسجلين في وزارة التربية، ودعمهم مع بداية العام الدراسي لتخفيف العبء عن الأهالي”.

ومع هذه الصورة، يبدو العام الدراسي الجديد في منبج محاطاً بالكثير من التحديات، حيث يسعى الأهالي لموازنة التكاليف الباهظة مع رغبتهم في تأمين بيئة تعليمية لائقة لأبنائهم. وفي ظل غياب أي دعم رسمي واضح، يظل الهاجس الأكبر للأسر هو كيفية عبور هذا الموسم بأقل الخسائر الممكنة، على أمل أن يحمل المستقبل ظروفاً أكثر استقراراً.

مقالات ذات صلة