تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في محافظة دير الزور ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار مادة التبن، إذ وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى نحو 2500 ليرة سورية بعد أن كان لا يتجاوز 400 ليرة في الموسم الماضي. وفي المقابل، يباع الكيلوغرام في أسواق دمشق وريفها والسخنة بما يتراوح بين 3500 و4000 ليرة، وهو ما فتح الباب أمام تجارة نشطة لنقل التبن من دير الزور إلى مناطق الحكومة السورية.
ويعود هذا الارتفاع إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها استمرار موجة الجفاف التي تضرب المنطقة منذ ثلاث سنوات، وهو ما أدى إلى انخفاض إنتاج المحاصيل العلفية بشكل كبير. كما ساهم الفارق الواضح بين الأسعار في مناطق قسد ودمشق في تشجيع التجار على شراء كميات ضخمة من التبن وشحنها عبر طرق دير الزور إلى الداخل السوري، بينما تحدثت مصادر محلية لسوريا 24 عن دخول التبن في صناعات جديدة مثل الورق أو بعض المكونات لصناعة الخشب، الأمر الذي زاد من حجم الطلب. يضاف إلى ذلك قرار حكومة دمشق منح مكافأة مالية تصل إلى 120 دولارًا عن كل طن تبن يتم توريده، ما جعل السوق أكثر نشاطًا وأدى إلى رفع الأسعار بشكل إضافي داخل مناطق قسد.
هذا الواقع انعكس مباشرة على حياة الفلاحين ومربي المواشي في دير الزور، إذ باتوا يواجهون صعوبة بالغة في تأمين الأعلاف لمواشيهم مع تضاعف التكاليف، الأمر الذي ينذر بخسائر اقتصادية فادحة وتراجع في الثروة الحيوانية. كما أن نشاط حركة النقل والشحن من المنطقة بات يخلق ضغطًا إضافيًا على المعروض المحلي، حيث تحولت بعض النقاط في دير الزور إلى محطات تجميع للشاحنات التي تنقل التبن بكميات كبيرة إلى دمشق وريفها.
ويقول أحد مربي المواشي في ريف دير الزور الشرقي لسوريا 24: “نضطر لشراء التبن بأي سعر لأنه أساس غذاء المواشي، لكن ارتفاعه بهذا الشكل يهدد ببيع قسم من القطعان لتغطية المصاريف.” فيما يوضح فلاح آخر أن “الإدارة الذاتية العام الماضي حددت السعر بأقل من قيمة التكلفة، واليوم رغم رفع السعر بشكل كبير، إلا أن الكميات تذهب للتجار بدلاً من أن يستفيد منها الأهالي.”
في المحصلة، يعكس ارتفاع أسعار التبن من 400 إلى 2500 ليرة للكيلوغرام خلال عام واحد فقط حجم الأزمة العميقة التي تعيشها المنطقة نتيجة الجفاف المستمر والسياسات الاقتصادية المتباينة، وهو ما جعل الأسواق المحلية رهينة العرض المحدود والطلب المتزايد سواء للاستهلاك المباشر أو للأغراض الصناعية في مناطق أخرى من سوريا.