إصلاحات أولية في محكمة التل تواجه واقعًا مثقلاً بالفوضى والمحسوبيات

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

أصدر رئيس النيابة العامة في مدينة التل بريف دمشق، القاضي محمد سالم البكر، قرارًا يمنع بشكل قاطع إعطاء أي موظف في المحكمة مبالغ مالية أو هدايا تحت أي مسمى، مؤكدًا أن المخالفين من المعطي والآخذ سيحاسبون قانونيًا، في خطوة وُصفت بأنها بداية لمسار إصلاحي.

وقد عُمّمت المنشورات الخاصة بالقرار على جدران المحكمة وأبوابها، ما أثار تفاعلًا واسعًا بين المواطنين والموظفين على حد سواء.

ورغم أن المحكمة تعيش حالة من الفوضى في تنظيم الأدوار والازدحام الشديد، يرى ناشطون وأهالي المدينة أن هذه الخطوة تمثل بداية حقيقية للإصلاح، لكنهم يشددون في الوقت ذاته على أن نجاحها مرهون بمتابعة التطبيق على أرض الواقع.

شهادات الأهالي: بين الترحيب والتحفظ

الناشط الإعلامي فراس سوادي، أحد أبناء مدينة التل، اعتبر أن القرار خطوة إيجابية طال انتظارها، لكنه أشار إلى أن تحديات كبيرة ما تزال قائمة، أبرزها المحسوبيات، انتشار الرشاوى، وعشوائية تنظيم الدور داخل المحكمة.

وأضاف: “حتى الموظف المستخدم عند الباب صار يطلب رشوة، ناهيك عن الفوقية في التعامل من قبل بعض الموظفين والموظفات، وهذا كله يولد استياءً كبيرًا بين الناس”.

من جانبها، تحدثت أم علاء، وهي مراجعة من سكان التل، بارتياح تجاه الخطوة قائلة: “صار الموظف يحسب ألف حساب إذا بدو يرتشي، والمواطن كمان صار يحسب حساب إذا بدو يعرض مبلغ لتسهيل معاملته، وهذا بحد ذاته بيخلي الطرفين تحت المحاسبة”. لكنها طالبت بتوسيع القرار ليشمل بقية الدوائر الحكومية والمصارف، حيث يعاني كبار السن من المتقاعدين من سوء معاملة بعض الموظفين. وأضافت: “موظفة أصغر من عمر آبائنا بتتعامل معهم بتعالي وبتخليهم ينطروا عالدور بينما بتمشي ناس تانية من تحت الطاولة”.

أما عماد الدين، وهو أحد المراجعين، فدعا إلى توفير مقاعد أمام مكتب رئيس النيابة قائلًا: “انتظرنا أكثر من ساعة واقفين، وفينا مريض وكبير السن، ولا يوجد كراسي للجلوس. نرجو أن يوصل أحد هذه الرسالة”.

فساد معلن وتجربة شخصية

بدوره، روى المواطن جهاد عبدالله (35 عامًا) تفاصيل معاناته داخل المحكمة، حيث اضطر للانتظار أكثر من ثلاث ساعات لاستخراج ورقة ثبوتية لابنته الصغيرة بعد عودته من تركيا. وقال: “الموظفة طلبت مني بشكل علني رشوة لتقديم اسمي في اللائحة، بالبداية رفضت، بس الازدحام وطول الانتظار خلاني اضطر أدفع حتى تخلص معاملتي”.

وأشار جهاد إلى معاناة إضافية تواجه النساء في قاعة الانتظار نتيجة الازدحام والتدافع، الأمر الذي يسبب لهن إحراجًا كبيرًا، فضلًا عن الإهمال الواضح بحق كبار السن والمرضى الذين لا يجدون معاملة خاصة أو مراعاة لوضعهم.

بداية طريق أم خطوة معزولة؟

ورغم إشادة كثير من الأهالي بالقرار الجديد واعتباره بداية مسار إصلاحي، إلا أن أصواتًا عدة شددت على ضرورة أن يترافق مع إجراءات عملية لتحسين بيئة العمل في المحكمة، تشمل تنظيم الدور بآلية شفافة، وتوفير مقاعد للمراجعين، وتدريب الموظفين على أساليب التعامل مع المواطنين، إضافة إلى مكافحة المحسوبيات التي ما تزال تشكل عائقًا أمام العدالة.

ويرى ناشطون أن نجاح التجربة في محكمة التل قد يشكل نموذجًا يمكن تعميمه على باقي المحاكم والدوائر الرسمية في سوريا، حيث أصبحت الرشوة والفساد الإداري جزءًا من يوميات المراجعين. لكنهم يحذرون في الوقت ذاته من أن تبقى هذه الخطوة مجرد إعلان نظري ما لم تقترن برقابة صارمة ومحاسبة حقيقية.

مقالات ذات صلة