الشرع في الأمم المتحدة: سوريا تعود إلى موقعها بين دول العالم

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

توجّهت أنظار السوريين داخل البلاد وخارجها، مساء الأربعاء، إلى نيويورك، حيث كان مبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة مسرحًا لكلمة ألقاها الرئيس السوري أحمد الشرع، في لحظة مفصلية تؤذن بمرحلة جديدة في مسار سوريا بعد عقود من العزلة الدولية والانقسام الداخلي.

عودة إلى المجتمع الدولي

في خطابه، أكّد الشرع أن سوريا عادت إلى موقعها الطبيعي بين دول العالم وفي صفوف المجتمع الدولي، مشددًا على أن معاناة السوريين على مدار السنوات الماضية لم تكن معركة وطنية فحسب، بل كانت معركة من أجل العدالة والحرية والكرامة لكل المظلومين والمهجّرين والنازحين والمعتقلين.

واستعرض الرئيس مسار “الحكاية السورية”، منذ الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق وحتى سقوطه في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، لافتًا إلى أن الشعب السوري تمكّن، بعد أربع عشرة مرحلة من النضال المستمر، من الانتصار لنفسه وللعالم أجمع. كما قدّم ملامح “خارطة طريق” للمرحلة المقبلة، تقوم على المصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية، والتحضير لانتخابات مجلس الشعب القادمة.

أهمية الكلمة في المحفل الدولي

وقال الدكتور سامر الصفدي، عضو التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار، في حديث لمنصة سوريا 24: “كانت اليوم كلمة تاريخية للسيد الرئيس أحمد الشرع، بعد خمسين عامًا من الانقطاع عن وجود سوريا في هذا المحفل الدولي الهام. كلمة الرئيس كانت مهمة جدًا، حيث علّق فيها على الإنجازات التي حققها الشعب السوري خلال مرحلة دامت أربع عشرة سنة من النضال، إلى أن ظهر الحق وانهار النظام البائد”.

وأضاف الصفدي أن الشرع “تطرّق أيضًا إلى الخطط المستقبلية لسوريا والانتخابات القادمة لمجلس الشعب، وأهداف المساواة والعدالة الانتقالية في البلاد، ما يعكس جدية القيادة الجديدة في بناء مؤسسات قوية وشفافة”.

رفع العقوبات أولوية

وتوقف الشرع في خطابه عند مسألة العقوبات المفروضة على سوريا، معتبرًا أن رفعها “بشكل شامل وكامل وغير مشروط” يشكّل مدخلًا أساسيًا لإعادة الإعمار وجذب الاستثمارات.

وأوضح الصفدي أن الشرع ركّز بشكل خاص على هذا الملف، مؤكدًا أن “العقوبات الحالية، ولا سيما تلك التي يفرضها الكونغرس الأميركي، تمثل عائقًا أمام دخول الشركات الكبرى إلى السوق السورية وبدء عمليات الاستثمار”.

وشدّد على أن “إزالة العقوبات ستفتح الباب أمام تحريك العجلة الاقتصادية وعودة الاستقرار الاجتماعي”.

تقدير للدول الداعمة

كما وجّه الشرع خلال كلمته الشكر إلى الدول التي ساندت السوريين خلال سنوات أزمتهم، وفي مقدّمتها تركيا وقطر والسعودية ودول الخليج، معتبرًا أن “هذا الدعم لعب دورًا أساسيًا في صمود الشعب السوري، وهو محلّ تقدير رسمي وشعبي”.

الصفدي شدّد على أن لحظة الخطاب “كانت بالغة الأهمية، حيث أبدى السوريون سعادة كبيرة بما سمعوه من السيد الرئيس، إذ بعثت كلمته الأمل والتفاؤل في قلوبهم”.

الملف الإسرائيلي في صدارة الاهتمام

من جانبه، قال الدبلوماسي السابق بسام بربندي، في حديث لمنصة سوريا 24، إن كلمة الشرع “كانت مهمة جدًا، ولا سيما أنها طرحت موضوعًا في غاية الحساسية، وهو الملف الإسرائيلي”.

وفي فقرة خاصة من خطابه، تطرّق الشرع إلى التهديدات الإسرائيلية المستمرة ضد سوريا منذ الثامن من ديسمبر وحتى اليوم، موضحًا أن “السياسات الإسرائيلية تسعى إلى استغلال المرحلة الانتقالية بما يعرّض المنطقة لصراعات جديدة”.

وأكّد الشرع أن سوريا “تستخدم الحوار والدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة، وتتعهد بالتزامها باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف إلى جانبها لمواجهة هذه المخاطر واحترام سيادة ووحدة أراضيها”.

بربندي أوضح أن “الرئيس الشرع كان واضحًا وصريحًا بشأن هذا الملف، لا سيما فيما يتعلق بالاتفاق الأمني مع إسرائيل”، مشيرًا إلى أن “العلاقة مع إسرائيل بعد هذا الخطاب لن تكون كما كانت قبله”.

انعكاسات الخطاب على الداخل والخارج

ووسط كل ذلك، لم يكن خطاب الشرع موجّهًا إلى المجتمع الدولي فحسب، بل إلى السوريين أنفسهم، حيث أراد أن يثبت أن سوريا اليوم قادرة على فرض حضورها، وأنها ليست مجرد “دولة خارجة من حرب”، بل دولة تضع أسس مرحلة جديدة قائمة على المصالحة الوطنية والانفتاح الخارجي.

كما أن حديث الشرع عن رفع العقوبات والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية يهدف إلى إرسال رسائل طمأنة للمجتمع الدولي، وخصوصًا الشركات الغربية، بأن سوريا تتجه إلى الاستقرار، وأن فرص العمل والإعمار ستكون متاحة.

مثّل خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة محطةً فارقة، حملت رسائل سياسية واقتصادية وأمنية. وبينما يترقّب السوريون والمجتمع الدولي ترجمة هذه الوعود على الأرض، يظلّ رفع العقوبات، وإطلاق المصالحة الوطنية، والتهيئة للاستثمار الخارجي، الاختبار الحقيقي لمرحلة ما بعد الكلمة.

مقالات ذات صلة