تم افتتاح مركز صحي مجاني في قرية الصالحية بريف البوكمال، في خطوة تُعدّ نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية الأولية، حيث يهدف إلى سدّ فجوة طويلة في خدمات الصحة الأساسية لسكان المنطقة والقرى المجاورة.
ويأتي هذا المشروع في سياق جهود محلية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية والصحية في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة.
خدمات طبية شاملة تغطي الاحتياجات الأساسية
يوفّر المركز الصحي المجاني في الصالحية طيفًا واسعًا من الخدمات الطبية الأساسية التي تستهدف تلبية احتياجات السكان من الرعاية الأولية والطوارئ.
وتشمل هذه الخدمات عيادة طبية عامة، وصيدلية مجانية تُوزّع الأدوية دون مقابل، إضافة إلى خدمات التوليد من خلال قابلة قانونية مؤهلة، ورعاية جراحية أولية عبر ممرضة جراحة.
كما يُنظم المركز حملات تطعيم دورية ضد الأمراض السارية، ويقدّم الإسعافات الأولية للحالات الطارئة، ما يجعله محورًا صحيًّا حيويًّا في منطقة تعاني من شحّ المرافق الصحية.
وبحسب مدير منطقة البوكمال، عبدالله سلمان الحسين، فإن “الكادر الطبي في المركز الآن يداوم بشكل منتظم”، مؤكدًا في حديث لمنصة سوريا 24، على أن الخدمات المقدمة تغطي جزءًا كبيرًا من الاحتياجات الصحية الأساسية للسكان، لا سيما في ظل غياب المستشفيات القريبة أو صعوبة الوصول إليها.
إدارة مهنية وتحديات لوجستية
يُدار المركز من قبل كادر طبي متخصص يضم طبيبًا عامًّا، قابلة قانونية، ممرضة جراحة، وصيادلة، إضافة إلى فريق دعم إداري.
ويعتمد المركز في تموينه بالأدوية والمعدات الطبية على تبرعات من منظمات محلية ودولية، وكذلك على دعم من المجالس المحلية.
ومع ذلك، يواجه المركز تحديات كبيرة في ضمان استمرارية عمله، أبرزها نقص الإمدادات الدوائية بشكل دوري، وضعف البنية التحتية للاتصالات والنقل، فضلاً عن الظروف الأمنية غير المستقرة في بعض الأحيان، والتي قد تعيق وصول الكوادر أو المواد الطبية.
ويشير الحسين إلى أن “الصيدلية المجانية تُعدّ من أهم مكونات المركز، إذ تخفف العبء المالي الكبير عن كاهل الأهالي”، لكنه يلفت إلى أن “الطلب المتزايد على الأدوية يفوق أحيانًا الكميات المتوفرة”، ما يستدعي دعمًا مستمرًّا من الجهات المانحة والمنظمات الإنسانية.
وصول منهجي للفئات الأكثر احتياجًا
حرص القائمون على المركز الصحي في الصالحية على تبني آليات مدروسة لضمان وصول الخدمات إلى الفئات الأكثر احتياجًا، لا سيما كبار السن، الحوامل، الأطفال، وذوي الاحتياجات الخاصة.
ويشمل ذلك تنظيم زيارات ميدانية دورية إلى المنازل البعيدة، واعتماد نظام تحويلات طبية مبسط للحالات الحرجة، بالتنسيق مع مراكز صحية أكبر في مناطق مجاورة.
كما يُنفذ المركز برامج توعوية ووقائية بالتعاون الوثيق مع المجتمع المحلي، تشمل حملات تثقيف صحي حول النظافة، التغذية، الرضاعة الطبيعية، والوقاية من الأمراض المعدية.
وتُقام هذه الأنشطة غالبًا في المدارس والمساجد ومراكز التجمعات المجتمعية، بهدف تعزيز الوعي الصحي وتمكين السكان من اتخاذ قرارات صحية سليمة.
صدى إيجابي في أوساط السكان
لاقى افتتاح المركز استجابة واسعة من أهالي المنطقة، الذين طالما عانوا من صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية.
ويصف منير الحمد، أحد سكان دير الزور في حديث لمنصة سوريا 24، هذه الخطوة بأنها “ممتازة”، مضيفًا: “تعتبر بُعدًا حيويًّا في ظل الإمكانيات الصحية الضعيفة. تخفف معاناة الأهالي من النزول إلى المدينة، خاصةً مع أزمة المواصلات وتكاليف أجر النقل على المرضى”.
ويُعدّ افتتاح هذا المركز خطوةً أولى نحو بناء نظام صحي محلي أكثر مرونة واستدامة في ريف البوكمال، حيث يُنظر إليه ليس فقط كمكان لتقديم العلاج، بل كشريك مجتمعي في بناء صحة أفضل لأجيال المستقبل.
ومع ذلك، يبقى استمرار عمله رهينًا بتوفر الدعم اللوجستي والمالي، وباستقرار الأوضاع العامة في المنطقة.