حماة: الركام يحول دون عودة الأهالي إلى سهل الغاب

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

في ظل موجة عودة تدريجية للأهالي إلى قراهم في سهل الغاب بريف حماة، يواجه المدنيون تحديات جسيمة تعيق استئناف حياتهم الطبيعية، أبرزها تراكم الركام والأنقاض داخل الأحياء السكنية والمنازل المدمرة جراء سنوات الحرب الطويلة.

وأفاد مراسل منصة سوريا 24 في حماة، أنه غم تمسّك العائدين بالأمل، فإن غياب البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى منازلهم يُعقّد جهود إعادة الترميم، ما يجعل إزالة الركام أولوية ملحة لتأمين بيئة سكنية آمنة.

تحديات جمة أبرزها خطر مخلفات الحرب

وفي محاولة لمعالجة هذه الأزمة، أطلقت المؤسسات الخدمية في محافظة حماة حملة واسعة تحت شعار “حماة تُنبض من جديد”، تستهدف إزالة الأنقاض من القرى والأحياء المدمرة في ريف المحافظة، شرقاً وغرباً وشمالاً. وتهدف الحملة إلى تسهيل عودة المهجّرين وتمكينهم من بدء عمليات الترميم، كخطوة أولى نحو إعادة الإعمار.

إلا أن الجهود تواجه صعوبات جمّة، أبرزها الخطر الدائم من مخلفات الحرب والألغام التي ما زالت مُزروعة في مناطق واسعة، ما يهدّد حياة العاملين في إزالة الركام والسكان على حد سواء.

وقد سُجّلت عدة حوادث انفجار خلال الأسابيع الماضية أثناء عمليات التنظيف، ما يُلقي بظلاله على سرعة تنفيذ الحملة ويشكّل عائقاً نفسياً ولوجستياً أمام العائدين.

تكاليف عالية وأعباء إضافية

محمد القاسم، أحد العائدين إلى بلدة كفرنبودة بعد غياب دام 13 عاماً قضى معظمها في تركيا، يروي تجربته قائلا في حديث لمنصة سوريا 24: “عدت إلى منزلي المدمر آملاً أن أبدأ من جديد، لكن أول ما واجهني كان جبل من الركام داخل غرف البيت”.

وتابع: “لا يمكنني ترميم جدار أو حتى فتح نافذة قبل إزالة هذا الحطام، وقد قمت بجزء من العمل يدوياً، واستعنت بجرّافة صغيرة لبقية المهمة، وكلّفني ذلك نحو 200 دولار أمريكي، وهو مبلغ كبير في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه اليوم”.

ويشير القاسم إلى أن كلفة إزالة الركام تتفاوت بين 50 و300 دولار حسب حجم الدمار، وهو عبء إضافي لا يحتمله كثيرون، خاصةً من فقدوا مصادر دخلهم طوال سنوات النزوح.

مصدر رزق لشريحة من الناس

من جهته، يوضح خالد الإبراهيم، أحد العاملين في فرق إزالة الركام، أن هذه المهمة لم تعد فقط ضرورة إنسانية، بل باتت مصدر رزق لشريحة واسعة من الشباب في ظل ارتفاع معدلات البطالة.

ويقول في حديث لمنصة سوريا 24: “رغم خطورة العمل وصعوبته، إلا أننا نعتبره خطوة أساسية في مسار إعادة الحياة إلى هذه المناطق، فكل منزل ننظّفه هو باب يُفتح أمام عائلة لتعود إلى جذورها”.

وأضاف: “ورغم أن الأمر ليس سهلاً، فإن الأهالي يدركون أن إزالة الركام هي المفتاح الأول لبدء الترميم”.

وتتزايد المطالبات الشعبية بتكثيف الجهود الخدمية وتسريع وتيرة إزالة الأنقاض، خاصةً عبر توفير آليات هندسية متخصصة وفرق مدربة على التعامل مع مخلفات الحرب.

كما يطالب السكان بفتح الطرقات الداخلية المغلقة بالركام لتسهيل وصولهم إلى منازلهم وأراضيهم الزراعية، التي تشكل مصدر رزق رئيسي للكثيرين في سهل الغاب.

وفي الوقت الذي تستمر فيه حملة “حماة تُنبض من جديد”، يبقى الركام شاهداً صامتاً على سنوات الحرب، وعائقاً مادياً ومعنوياً أمام عودة الحياة إلى طبيعتها.

لكن إصرار الأهالي على العودة، وتصميم الفرق الميدانية على المضي قدماً رغم المخاطر، يُبقي شعلة الأمل متّقدة في قلوب من قرّروا أن يبنوا من جديد على أنقاض الماضي.

مقالات ذات صلة