أعلنت الأمانة العامة لمحافظة دير الزور عن بدء عمل لجنة “الغصب البيّن”، التي كُلفت باستقبال الشكاوى المتعلقة بحالات الاستيلاء غير المشروع على العقارات والحقوق العينية العقارية.
وتأتي هذه الخطوة، بحسب المحافظة، في إطار الحرص على حماية حقوق المواطنين وصون الملكيات الخاصة، خصوصاً بعد عقود شهدت فيها المدينة ومحيطها حالات واسعة من التعدي على الأملاك العامة والخاصة.
وبحسب البيان الصادر، فإن تقديم الشكاوى يتم عبر الديوان العام في مبنى المحافظة، حيث تتولى اللجنة دراسة الطلبات المدققة أصولاً والمتعلقة بمسائل “الغصب البيّن”.
ويُشترط على المالك أو وليه القانوني أو أحد الورثة تقديم الوثائق الثبوتية اللازمة، مثل صورة عن الهوية الشخصية ووثيقة ملكية أو حصر إرث مصدّق، إضافة إلى طلب خطي. أما في حال تعدد الورثة أو المالكين، فيتوجب إرفاق تفويض رسمي مصدّق من بقية الشركاء في الملكية.
خلفيات مهمة
مصدر في مكتب العلاقات العامة بمجلس محافظة دير الزور أوضح في حديث لمنصة سوريا 24، أن اللجنة جاءت لمعالجة “حقوق مغتصبة في حقبة النظام البائد، عندما استولى الشبيحة على ممتلكات خاصة وعقارات مختلفة”، مشيراً إلى أن الهدف هو إعادة الحقوق لأصحابها أو على الأقل فتح باب قانوني لتسوية النزاعات.
مخاوف الأهالي
غير أن الإعلان عن بدء عمل اللجنة أثار نقاشاً واسعاً في الشارع، بين من يرى فيها خطوة طال انتظارها لإنصاف الأهالي، ومن يخشى أن تتحول إلى مسار معقد يصعب معه استرجاع الحقوق.
بشار الحسن، أحد سكان المدينة، اعتبر في حديث لمنصة سوريا 24، أن نسبة العقارات المغصوبة في دير الزور “أقل مقارنة بمحافظات أخرى”، لكنه شدد على أن “الأضرار هنا نوعية، فقد تم الاستيلاء على عقارات كبيرة وتاريخية ضمن المدينة القديمة، إضافة إلى أراضٍ تقع على السرير النهري للفرات”.
ولفت إلى أن اللجنة ستواجه تحدياً كبيراً في محاولة استرداد هذه الأملاك، لاسيما وأن “النظام السابق باع بعضها لمستثمرين، ما خلق حالة من الجدل العشائري والمناطقي، فضلاً عن مشاكل قانونية يصعب حلها حالياً”.
تعقيدات قانونية ومعايير مشددة
أما مسعود أبو عابد، وهو من أهالي دير الزور أيضاً، فأشار في حديث لمنصة سوريا 24، إلى أن “من أبرز الأملاك المغتصبة فلل مجلس المدينة في الضاحية، فضلاً عن بيوت متفرقة في الأحياء التي لم تتعرض للتدمير”.
لكنه انتقد في الوقت نفسه المعايير التي تعتمدها اللجنة، واصفاً إياها بـ”التعجيزية”، موضحاً أن “أغلب سندات الملكية إما مسروقة أو مفقودة، كما أن جزءاً كبيراً من بيانات السجل العقاري احترق خلال الحرب”.
وأضاف أن تقديم الطلبات مشروط بحضور المالك أو وكيله الرسمي، في وقت تعطلت فيه الوكالات لسنوات طويلة، قبل أن يُسمح مؤخراً بإعادة تفعيلها: “هذه الشروط تجعل من استعادة الحقوق مسألة شديدة التعقيد، وقد تُحبط الكثير من الأهالي”، على حد قوله.
بين التفاؤل والتشكيك
مع انطلاق عمل اللجنة، يجد أهالي دير الزور أنفسهم بين تفاؤل بوجود مسار رسمي لاستعادة ما سُلب منهم، وبين تشكيك في إمكانية تجاوز العقبات القانونية والإدارية التي تراكمت خلال سنوات طويلة.
وبينما يرى مؤيدو اللجنة أنها خطوة أولى نحو إعادة الاعتبار لأصحاب الحقوق، يعتبر آخرون أنها قد تفتح ملفات حساسة تزيد من التوترات الاجتماعية والمناطقية.
وفي ظل هذا التباين، يبقى نجاح اللجنة مرهوناً بقدرتها على إيجاد حلول عملية توازن بين المعايير القانونية الصارمة والواقع المعقد للملكية العقارية في دير الزور.