حمص: الإيجارات الباهظة تفرغ الشوارع من أنشطتها التجارية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا ٢٤

تشهد مدينة حمص منذ سنوات إغلاقًا ملحوظًا للمحال التجارية، وخاصة في أسواقها الرئيسية التي كانت تشكل قلب النشاط الاقتصادي للمدينة.

هذا الواقع أثار تساؤلات الأهالي حول أسباب غياب الحركة التجارية، وارتفاع إيجارات المحال إلى مستويات غير مسبوقة، فضلًا عن تراجع الأنشطة التجارية التي كانت تُنعش الحياة اليومية للسكان.

أسباب الإغلاق وغياب النشاط التجاري

بحسب إفادات السكان، فإن الإغلاق لم يكن وليد اللحظة بل هو نتاج تراكمات اقتصادية واجتماعية.

يقول معمر الدالي، وهو من سكان حمص في حديث لمنصة سوريا 24، إن تركز إغلاق المحال كان في الأسواق الرئيسية مثل منطقتي الغوطة والدبلان في مدينة حمص، إلى جانب أسواق الكراج وشارع الصليبة في مدينة الرستن، وهي أسواق لطالما كانت محورية في النشاط التجاري.

ويرى الدالي أن السبب المباشر يتمثل في قلة المحال المتاحة للتأجير، نتيجة الدمار الذي طال الكثير منها خلال السنوات الماضية، إضافة إلى أن المحال القليلة الباقية أصبحت عرضة للمضاربة بأسعار إيجاراتها، التي قد تصل — وفق قوله — إلى ما بين 500 و1000 دولار شهريًّا، وهو مبلغ يتجاوز قدرة معظم الراغبين في العمل التجاري.

ويضيف: “غياب التنوع في الأنشطة التجارية وارتفاع الإيجارات أديا إلى حالة من الشلل في الأسواق، إذ لا يتوفر تقريبًا أي شيء فيها، ما جعل هذه المناطق تفقد دورها كعصب اقتصادي للمدينة”.

الإيجارات.. عبء يفوق قدرة المستأجرين

أما نضال العكيدي، أحد القائمين على مبادرات محلية بالتعاون مع مجلس مدينة حمص، فيرى أن مشكلة الإيجارات تجاوزت حدود المعقول، خاصة في الأسواق الشهيرة وسط المدينة.

ويوضح في حديث لمنصة سوريا 24، أن إيجارات المحال في شارع دبلان وشارع الحضارة قد تصل اليوم إلى آلاف الدولارات شهريًّا، ما يجعلها بعيدة المنال عن غالبية المستثمرين المحليين.

ويُرجع العكيدي ارتفاع الأسعار إلى ثلاثة عوامل رئيسية: عودة بعض المغتربين ورغبتهم في فتح مشاريع تجارية، طمع بعض الملاك الذين يستغلون حاجة السوق، الطلب المرتفع على المحال التجارية في هذه المواقع.

ويشير العكيدي إلى أن هذا الوضع لا يقتصر على مركز المدينة فقط، بل يمتد إلى المناطق المحيطة مثل تلبيسة، حيث لا يقل إيجار أصغر محل في شارع الكرامة عن 300 إلى 400 دولار شهريًّا.

ويرى أن هناك إقبالًا كبيرًا على الاستئجار، بل وتنافسًا شديدًا في بعض المناطق، لكن الأسعار المرتفعة تقف حاجزًا أمام دخول مستثمرين جدد.

مقترحات لإحياء الأسواق

أمام هذا المشهد، تبرز الحاجة إلى حلول عملية لإعادة تنشيط الأسواق. يطالب معمر الدالي بضرورة إلزام البلديات أصحاب المحال بعدم إغلاقها، والعمل على تأجيرها بأسعار مناسبة تراعي الوضع الاقتصادي للسكان، إضافة إلى وضع حد أقصى للإيجارات بحيث يُطبَّق بشكل ملزم على الملاك، معتبرًا أن استمرار إغلاق المحال يفاقم الأزمة الاقتصادية بدلًا من دعم عجلة الاقتصاد المحلي.

في المقابل، يرى نضال العكيدي أن الحل يكمن في تشجيع المشاريع التجارية وتنظيم الأسواق بشكل منهجي وفعّال، بما يضمن إعادة الثقة للمستثمرين ويخلق توازنًا بين العرض والطلب. ويؤكد أن إنعاش هذه المحال لن يكون ممكنًا إلا من خلال سياسات اقتصادية أكثر مرونة، وتدخل مباشر من الجهات المعنية لتخفيف أعباء الإيجارات.

إغلاق المحال التجارية في حمص لم يعد مجرد مشهد بصري لواجهات مغلقة في قلب المدينة، بل تحول إلى أزمة اقتصادية تلقي بظلالها على حياة الناس اليومية، فالإيجارات المرتفعة وغياب الأنشطة التجارية انعكسا مباشرة على حركة السوق، ما جعل الكثير من الأهالي يطالبون بخطوات ملموسة من السلطات المحلية لضبط أسعار الإيجارات وتشجيع الأنشطة التجارية المتنوعة.

مقالات ذات صلة