في مناطق مختلفة من محافظة درعا، يعيش عدد كبير من المصابين بإعاقات دائمة بسبب سنوات الحرب. معظمهم أُصيبوا خلال المعارك أو نتيجة القصف، وأصبحوا اليوم في مواجهة تحديات يومية تتعلّق بالعلاج والتنقّل والعمل، وسط ضعف في الخدمات المخصصة لهذه الفئة.
ووفق تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية في عام 2018، فإن هناك 2.9 مليون شخص من ذوي الإعاقة في سوريا، بينهم 1.5 مليون حالة ناتجة بشكل مباشر عن إصابات الحرب. تعاني هذه الفئة، بحسب التقرير، من نقص شديد في الرعاية الطبية وخدمات التأهيل، في وقت خرجت فيه معظم المنشآت الصحية عن الخدمة، وتراجعت القدرات المحلية على الاستجابة.
في هذا السياق، شهدت مدينة درعا، اليوم الثلاثاء، افتتاح مكتب رسمي لتسجيل جرحى حوران، وذلك ضمن مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية. يهدف المكتب إلى توثيق حالات الجرحى وتحديث قاعدة البيانات الخاصة بهم، مع التركيز على مختلف مناطق المحافظة، بما يشمل الأطفال والنساء والمصابين بالبتر، والشلل، وفقدان البصر، والإعاقات الأخرى.
من بين الحالات التي تعكس هذا الواقع، يتحدث علي عبدالله المحاميد، وهو أحد الجرحى الذين أُصيبوا عام 2014 خلال معركة سجن غرز.
يعاني علي من شلل نصفي وبتر في الطرفين السفليين، ويقول لمنصة سوريا 24 إن التحدي الأكبر ليس الإصابة نفسها، بل غياب الدعم الذي يساعده على الاستقلال المعيشي. يضيف: “أحتاج إلى مشروع أعمل فيه، وكرسي كهربائي يساعدني في التنقل. ما هو متاح حاليًا غير كافٍ”.
وفي تجربة مشابهة، يروي أبو بلال الكناوي من بلدة حيط، معاناته، إذ يشير خلال حديثه لمنصة سوريا 24 إلى أنه لم يحصل حتى الآن على أطراف صناعية أو مستلزمات طبية أساسية، ويصف صعوبة الوصول إلى المؤسسات الرسمية بسبب غياب المرافق المهيأة. ويوضح: “نحتاج خدمات واضحة ومنظمة، دون انتظار طويل أو وعود لا تُنفذ”.
أما من جهة الواقع الخدمي والبنية التحتية، فيُسلّط باسل أديب العاسمي الضوء على نوع آخر من التحديات.، وهو المصاب بشلل نصفي منذ عام 2012.
يقول لمنصة سوريا 24 إن التنقّل داخل المدينة ومرافقها الحكومية يمثل عبئًا إضافيًا على الجرحى. يشير إلى أن غياب المصاعد والممرات المناسبة يمنعهم من متابعة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، ويقترح أن يشمل الدعم تحسين البنية العامة، إلى جانب توفير فرص عمل تتناسب مع قدراتهم.
وتعاني معظم الحالات، بحسب منظمات إنسانية دولية ومحلية، من غياب خدمات إعادة التأهيل والدعم النفسي، مع وجود فجوة واضحة في توفير المعدات الأساسية مثل الكراسي المتحركة، العكازات، أو أجهزة التعقب البصري.
ورغم أن افتتاح المكتب الجديد لا يُعد حلًا لجميع التحديات، إلا أنه يمثل خطوة إدارية مهمة لتنظيم ملف الجرحى في المحافظة، يقول أحد المصابين: “تسجيلنا أمر جيد، لكن الأهم أن تترجم هذه الخطوة إلى خدمات ملموسة… ما نحتاجه اليوم هو رعاية مستمرة، لا إجراء شكلي”.
ويأمل القائمون على المكتب أن يكون افتتاحه بداية للتعامل الجاد مع احتياجات الجرحى، وتنظيم تقديم الخدمات الطبية والاجتماعية للفئات الأكثر تضررًا في حوران.