رغم صِغَر سنها، استطاعت آية قدسي أن ترسّخ اسمها في رياضة الكيك بوكسينغ، ليس فقط كلاعبة نالت ألقابًا محلية، بل كمدرّبة وحَكَمَة في واحدة من أكثر الرياضات تحديًا في الوسط الرياضي السوري.
بدأت رحلتها كلاعبة في نادي الاتحاد الحلبي (أهلي حلب حاليًا)، وحققت لقب بطلة الجمهورية لثلاث سنوات متتالية، كما نالت المركز الأول مع المنتخب الوطني. وعلى الرغم من تلقيها دعوتين رسميتين للمشاركة في بطولات عربية، فإن ظروفًا خارجة عن إرادتها حالت دون تمثيلها لسوريا حتى الآن.
تقول آية لمنصة “سوريا 24“: “لم أتوقع أن أصل إلى ما أنا عليه اليوم. بدأت كلاعبة، ولكن مع مرور الوقت ظهرت أمامي فرص جديدة في مجالي التدريب والتحكيم”.
وتضيف أن هذا التحول حمل معه مسؤولية كبيرة، لكنها قبلت التحدي وسعت إلى الموازنة بين الحفاظ على مستواها كلاعبة، وبين مهامها كمدرّبة تسعى لتطوير المتدرّبات.
بدأت آية مسيرتها التدريبية في سن الثالثة والعشرين، ضمن النادي ذاته الذي نشأت فيه.
وقد كُلّفت في البداية كمساعدة مدرّب، ثم خضعت لفترة اختبار امتدت من بداية كانون الثاني وحتى أيلول 2025، لتُعتمد رسميًا مدرّبة رئيسية في نادي الاتحاد، بعد أن حققت نتائج مميزة على مستوى الجمهورية، من خلال لاعبات حصلن على مراكز أولى في بطولات وطنية.
وعن سبب اختيارها لرياضة الكيك بوكسينغ تحديدًا، توضح آية أنها اختارت هذا المجال بسبب غياب أي مدرّبة نسائية فيه داخل حلب، بل في الفنون القتالية عمومًا. وقد رأت في هذا الفراغ فرصة لإثبات قدرة المرأة على اقتحام هذا الحقل وتحقيق النجاح فيه.
وتؤكد أن هذه الرياضة لا تمنح المتدرّبات القوة الجسدية فحسب، بل تعزّز الثقة بالنفس، وتغرس روح الإصرار والاندفاع. كما أنها تفتح آفاقًا معرفية جديدة، وتساعد الفتيات على اكتشاف طاقاتهن الكامنة.
من خلال تجربتها كمدرّبة، تسعى آية إلى ترسيخ مفاهيم الشجاعة والثقة بالنفس، وتؤمن أن الخطوة الأولى نحو النجاح تبدأ بتجاوز الخوف.
تقول: “العديد من الفتيات يمتلكن قدرات بدنية ممتازة، لكن الخوف يمنعهن من التقدّم. دوري هو مساعدتهن على كسر هذا الحاجز، والوقوف بثقة على الحلبة”.
وترى أن غياب المدرّبات في الكيك بوكسينغ ساعدها على الظهور، حيث كان المجال مفتوحًا للتجربة والتميّز.
وتشير إلى أن وجود مدرّبات في رياضات أخرى كالكاراتيه لم يكن كافيًا لسد الفراغ في الفنون القتالية، وهو ما حفّزها لتكون رائدة في هذا المجال.
ورغم كل ما حققته، لا تنسى آية دور عائلتها في دعمها، وتخصّ بالذكر والدها اللاعب السابق في كرة الطاولة، ووالدتها التي وقفت إلى جانبها في كل المراحل.
وعن نظرة المجتمع، تقول آية إن الانطباع الأول كان مليئًا بالتساؤلات وربما الدهشة، لكنها استطاعت أن تغيّر الصورة النمطية من خلال ما حققته من إنجازات.
وتضيف: “في البداية استغرب البعض فكرة أن تمارس فتاة رياضة قتالية، لكن مع مرور الوقت، ومع تتابع البطولات والنجاحات، بدأت النظرة تتغير، وبدأ الاعتراف بقدرة المرأة على تحقيق النجاح في هذا المجال يتّسع”.
طموح آية لا يتوقف عند تدريب مجموعة من الفتيات، بل يتجاوز ذلك إلى نشر رسالتها إلى أوسع شريحة ممكنة، فهي ترى في الرياضة وسيلة حقيقية لتمكين النساء وتعزيز حضورهن.
وتختم حديثها قائلة: “رسالتي لكل فتاة: آمني بنفسك، أنتِ قادرة. أطمح إلى إيصال هذه الفكرة إلى كل من تمتلك حلمًا أو شغفًا، وأن أكون سببًا في اكتشافها لقوّتها، وتحقيقها لطموحها، ومواجهتها لكل التحديات بثقة”.