رغم مرور سنوات على انتهاء العمليات العسكرية في دمشق، لا يزال حي العسالي وجواره من المناطق المنسية التي يخيم عليها الصمت والدمار. يقول أبو جميل، وهو أحد أبناء الحي الذين عادوا مؤخرًا لتفقد منازلهم، إن “المنطقة خالية تقريبًا من السكان، وعدد العائلات المقيمة حاليًا لا يتجاوز أصابع اليد، في ظل انعدام كامل للخدمات الأساسية”.
ويضيف، في حديثه إلى سوريا 24، أن ما تبقى من معالم الحي يكشف حجم الدمار المتعمد الذي طال الأبنية والمرافق العامة، حتى المساجد لم تسلم من الهدم، إذ سويت أسقفها بالأرض، وبقيت الجدران شاهدة على ما جرى. ويؤكد أبو جميل أن “الهدم لم يكن نتيجة المعارك فقط، بل تم بطريقة ممنهجة على يد ميليشيات نظام الأسد، بهدف منع عودة الأهالي إلى منازلهم”.
من التهجير إلى الإقصاء
يُعتبر حي قدم العسالي من أوائل الأحياء التي شهدت نزوحًا واسعًا تحت ظروف أمنية قاسية خلال سنوات الحرب. ويقول أهالٍ تحدثنا إليهم إنهم “أُجبروا على مغادرة بيوتهم قسرًا، ولم يكن النزوح خيارًا، بل فرضًا تحت الضغط والخوف”، مضيفين أن “عمليات الهدم اللاحقة لم تكن لأسباب عمرانية أو أمنية، بل لأهداف تتصل بتغيير معالم المنطقة”.
وفي رسالة وجهها عدد من أبناء حي العسالي وجورة الشريباتي إلى الجهات الرسمية، عبّروا عن رفضهم لما وصفوه بـ”الظلم الواقع على الأهالي نتيجة تنفيذ مشروع باسيليا سيتي”، معتبرين أن المشروع يمثل “امتدادًا لمعاناة استمرت منذ سنوات الحرب، بدلًا من أن يكون مشروعًا حقيقيًا لإعادة الإعمار”.
مطالب الأهالي
وجاء في الرسالة التي حصلنا على نسخة منها أن السكان المهجرين يطالبون بما يلي:
* إيقاف تنفيذ مشروع باسيليا سيتي بصيغته الحالية التي تؤدي إلى مصادرة ممتلكات السكان الأصليين.
* إجراء مراجعة قانونية منصفة للمرسوم رقم 66 وتعديلاته، بما يضمن حق العودة الكريمة للمهجرين.
* محاسبة الجهات المسؤولة عن عمليات الهدم غير القانونية التي طالت ممتلكات المدنيين.
* وضع آلية شفافة للتعويض العادل تضمن الإنصاف الاجتماعي وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
ويختم الأهالي مناشدتهم بالقول:
“نناشد المسؤولين أن يكونوا منصفين لقضيتنا، وألا تحول مشاريع التنمية إلى أدوات للظلم والتهميش بحق أبناء مدينتهم”.
رغم مرور الزمن، يبقى حي العسالي شاهدًا على وجع مضاعف، بين دمار لم يُرمم، ووعود لم تُنفذ، وأهالٍ ينتظرون عودة طال أمدها.