رغم مرور عدة أشهر على استقرار الأوضاع الأمنية نسبيًا في مدينة دير الزور، لا تزال الأزمة السكنية تتفاقم، إذ يعاني السكان العائدون من ارتفاع جنوني في إيجارات المنازل، وضعف القدرة على ترميم بيوتهم المدمّرة، ما يدفع عددًا متزايدًا منهم إلى السكن في ظروف تكاد لا تختلف عن الخيام.
إيجارات خيالية وغياب الحلول
وحسب الأهالي، تبيّن أن سعر إيجار المنزل يصل إلى حدود مليون ليرة سورية شهريًا، شرط أن يتوفّر أصلًا.
وفي هذا الجانب، يقول منير الحمد، أحد سكان دير الزور، في حديث لمنصة سوريا 24: “الغلاء فاحش، والبيت المعفّش (المسروق) اليوم إيجاره مليون ليرة إذا توفّر”.
ويشير إلى أن أغلب العائدين لا يملكون خيارًا سوى السكن في هذه المنازل، إذ لا توجد بدائل ميسورة.
وأضاف الحمد: “الإيجار يُدفع مقدمًا عادةً، ما يزيد الضغط على الأسر التي تعيش بأدنى حد من الدخل”.
ترميم المنازل: حلم بعيد المنال
رغم وجود رغبة قوية لدى العائدين لإعادة تأهيل منازلهم، فإن حركة الترميم لا تزال “ضعيفة جدًا”، وفق تعبير الحمد، بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء والخدمات المرتبطة بها.
وأوضح أن “ترميمًا عاديًا لبيت، وليس سوبر ديلوكس، يحتاج إلى 6 آلاف دولار”، وهو مبلغ خيالي بالنسبة لغالبية السكان الذين يعانون من انهيار القدرة الشرائية وانعدام مصادر الدخل المستقرة.
وأشار إلى أن تكاليف المواد الأساسية أصبحت باهظة، فمثلًا “الباب من النوع الثالث يكلف 150 دولارًا”، في حين أن أجور العمال والنقل تضاعفت، ما يجعل مشروع الترميم شبه مستحيل دون دعم خارجي.
نداءات للمنظمات الإنسانية
في ظل غياب دور رسمي فاعل لضبط سوق الإيجارات أو دعم العائدين، يلجأ السكان إلى المنظمات الإنسانية كملاذ أخير.
يقول الحمد: “نحن نحاول إيصال صوتنا إلى المنظمات علّها توفّر تجهيزات، ولو غطّت جزءًا من التكاليف”، لكنه يضيف بمرارة: “لم أحصل على شيء، والشتاء آتٍ، ولا أبواب في بيتي”.
وتابع قائلًا: “الفرق بين بيتي والخيمة هو السقف فقط”، في إشارة إلى أن السكن في منزل غير مُصلح لا يختلف كثيرًا عن العيش في مأوى مؤقت.
غياب الرقابة وتفاقم الأزمة
حتى الآن، لا توجد إجراءات حكومية أو محلية واضحة لضبط سوق العقارات أو فرض سقوف سعرية على الإيجارات، ما يترك المجال مفتوحًا أمام الملاك لرفع الأسعار دون رادع.
وفي ظل غياب خطط إسكانية شاملة، تزداد معاناة العائدين، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يصبح السكن اللائق ضرورة لا رفاهية.
أحياء مدمّرة والأهالي ينتظرون تحسّن الأمور
يُشار إلى أن مدينة دير الزور تضم سبعةً وعشرين حيًا سكنيًا، تم تدمير أربعةٍ وعشرين حيًا منها من قبل نظام الأسد السابق، ولم يبقَ سوى ثلاثة أحياء قابلة للسكن.
وقال مالك العبيد، من سكان المدينة، في حديث لمنصة سوريا 24، إنه بعد تحرير المدينة، بدأ الأهالي بالعودة إلى ديارهم ليجدوها مدمرة بالكامل، ما شكّل صدمة لهم انعكست على اللاجئين في بلدان الاغتراب، الذين قرروا عدم العودة في الوقت الراهن، ريثما تتحسن الأمور في تلك المدينة المدمّرة وتُزال الأنقاض والركام، وهو ما يستغرق زمنًا لا بأس به، مما يستدعي بذل جهود محلية ودولية لإعادة إعمار المدينة المنكوبة وعودة أهلها اللاجئين والنازحين من دول الاغتراب.
ويُجمع السكان على أن الحل لا يكمن فقط في خفض الإيجارات، بل في توفير دعم مباشر لإعادة الإعمار، وتفعيل دور المنظمات الدولية، وفرض رقابة صارمة على سوق العقارات لمنع الاستغلال.