رغم مرور سنوات على انتهاء المعارك، لا يزال حي القدم الدمشقي يعيش في ظل واقع صعب من الإهمال وتردي الخدمات الأساسية. الأهالي الذين عادوا إلى بيوتهم بعد التهجير يقولون إن الحي يبدو وكأنه خارج اهتمامات الجهات الرسمية، رغم ما قدمه سكانه من تضحيات خلال الثورة السورية.
يصف أحمد حامدة، أحد أبناء الحي العائدين، الوضع اليوم بالقول لمنصة سوريا 24: “حي القدم كان من أولى المناطق التي نهضت بالثورة، وقدمنا تضحيات كبيرة. كنا نأمل بعد العودة أن تتحسن الأوضاع، لكن للأسف كل شيء ما زال صعباً. الكهرباء شبه معدومة، والمياه لا تصل إلا لساعات قليلة، والناس تعتمد على صهاريج بأسعار مرتفعة لا يقدر معظمنا تحملها.”
تتفاقم معاناة الأهالي اليومية بسبب غياب النظافة وندرة العمال والحاويات. تقول أم عبد الرحمن لسوريا 24: “القمامة تتراكم في الشوارع لأيام، والروائح مزعجة، والأطفال يلعبون وسط الأتربة والقمامة. حاولنا التواصل مع المسؤولين، لكن لا يوجد أي تحرك ملموس.”
ولا يقتصر الأمر على النظافة فقط، فالمواصلات في الحي شبه معدومة. يروي أبو خالد لسوريا 24: “أضطر كل يوم للمشي مسافات طويلة لأصل إلى أقرب سرفيس. الشارع الرئيسي لا يعمل فيه سوى خط واحد فقط، وهذا يجعل الحياة اليومية صعبة على الجميع، خصوصاً كبار السن والطلاب.”
ويشير أحمد حامدة إلى الفارق الكبير بين حي القدم والمناطق المجاورة مثل داريا: “داريا كانت أكثر المناطق تضرراً بالحرب، لكنها اليوم أفضل بكثير من حي القدم. هناك كهرباء منتظمة، مياه متوفرة، نظافة، وتنظيم واضح. أما حي القدم فلا يزال يعاني من صعوبات يومية لا تُحتمل.”
ولا يقتصر الإحباط على الخدمات فقط، فغلاء الأسعار يضاعف المعاناة. تقول أم عبد الرحمن: “أسعار الصهاريج مرتفعة جداً، ولا يمكن توفيرها يومياً. كنا نعيش ظروفاً صعبة سابقاً، لكن اليوم أصبحت الحياة أكثر تعقيداً بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع الخدمات.”
يشعر سكان الحي بأن كل يوم يمر يزيد شعورهم بالتهميش والحرمان، رغم أنهم قدموا ما يثبت صمودهم وتضحياتهم في أصعب مراحل الثورة. يختتم أحمد حامدة حديثه قائلاً: “تعبنا من الوعود المتكررة. حي القدم قدم تضحيات كبيرة ويستحق أن يعيش أبناؤه حياة كريمة، مع مياه وكهرباء ومواصلات ونظافة. كل ما نطلبه هو حياة طبيعية بعد سنوات من المعاناة.”
يبقى حي القدم شاهدًا على صمود أهله، لكنه اليوم يقف أمام تحدٍ آخر، معركة الحياة اليومية وإعادة الكرامة بعد سنوات من التهميش والإهمال.