منذ ساعات الصباح الأولى، امتلأت صالة الجامع الكبير في جديدة الوادي بعبق الزعتر والمربيات البلدية ورائحة الصابون اليدوي والأعشاب المجففة، بينما تتناثر الابتسامات بين الزائرات والعاملات في الأجنحة، حيث يعرضن بفخر منتجاتهن التي تحكي قصص الصبر والعمل الدؤوب.
بأنامل ناعمة تنضح بالقوة والإصرار، افتتحت دائرة زراعة قدسيا والإرشاد الزراعي في جديدة الوادي “معرض المرأة الريفية السورية”، برعاية مديرية زراعة دمشق وريفها، ليكون مساحة احتفاء بإبداع النساء السوريات اللواتي حوّلن التحدي إلى فرصة، والأرض إلى حكاية عطاء لا تنتهي.
المعرض، الذي يستمر من السابع حتى التاسع من تشرين الأول، يفتح أبوابه يوميًا من العاشرة صباحًا وحتى السادسة مساءً، ويقدّم للزوار لوحة متكاملة من منتجات الريف السوري: محاصيل زراعية محلية، مؤن منزلية، أشغال يدوية، ومنتجات طبيعية مصنوعة بحب وخبرة نساءٍ حملن رسالة الحفاظ على الموروث الريفي.
سناء، إحدى المشاركات من مدينة الهامة، تقول بابتسامة تعبق بالفخر: “كل قطعة في جناحي تحكي قصة تعب وسنين. نحن النساء الريفيات لا ننتج فقط، بل نحافظ على هويتنا الريفية ونورث أولادنا حب الأرض والاعتماد على الذات”.
بين أروقة المعرض، تلمع عيون الحاضرات بشغف وحماس، فكل زاوية تنضح بفكرة، وكل منتج يختصر تجربة حياة. المعرض لم يكن مجرد عرض للبضائع، بل مساحة لقاء وتبادل خبرات، وفرصة لتسليط الضوء على الدور الاقتصادي والاجتماعي للمرأة الريفية في دعم أسرتها ومجتمعها.
من جهته، أكّد كنان بروت، رئيس دائرة زراعة قدسيا، لسوريا 24 أن الهدف من الفعالية هو “دعم النساء المنتجات في الريف وتشجيعهن على تسويق منتجاتهن محليًا وتعزيز ثقافة الاعتماد على الذات”، مشيرًا إلى أن الإقبال الواسع من الزوار يعكس تقدير المجتمع لجهود المرأة الريفية ودورها المحوري في التنمية الزراعية.
كما شاركت أم فاطمة، من جديدة الوادي، تجربتها قائلة:
“بدأت بصناعة المربيات والصابون الطبيعي في مطبخي الصغير، واليوم أبيع منتجاتي لزوار من مختلف المحافظات. هذا المعرض فرصة حقيقية لنا كي نظهر ما يمكن أن تصنعه المرأة حين تُمنح الدعم والثقة”.
وبين ألوان الأقمشة المطرزة وروائح الأعشاب العطرية، يتجلى في “معرض المرأة الريفية السورية” مشهد من الصمود والإبداع، يذكّر بأن الريف السوري ليس فقط مصدر غذاء، بل أيضًا منبع فن وجمال وإنتاج.
يبقى دعم المرأة الريفية واستمرار مثل هذه المبادرات حجر الأساس في بناء اقتصاد مجتمعي متوازن ومستدام، حيث تتحول الفكرة من مجرد معرض إلى مشروع حياة يعيد الاعتبار لدور المرأة كقوة فاعلة في التنمية والإنتاج.