مفوضية الأمم المتحدة تسهّل أول قافلة عودة طوعية للنازحين في بلدة حاس

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص سوريا 24

 

انطلقت صباح اليوم الثلاثاء قافلة عودة طوعية للنازحين في المخميات نحو بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي. المبادرة جاءت بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) وبالتعاون مع مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في إدلب، وبمشاركة عدد من المنظمات المحلية.

حيث ارتفعت أصوات الأطفال في مخيمات الدانا شمال إدلب بفرحٍ غريبٍ لم تعتده الخيام، لم تكن أصواتهم هذه المرة طلباً لماء أو دفء، بل كانت هتافات عودة… عودة إلى الأرض التي لم يروها منذ سنين.

في القافلة، كانت 165 عائلة – نحو 689 شخصاً – يشدّون الرحال من 21 مخيماً في الدانا . وجوه أنهكها الغياب، وقلوب متعبة لكنها مملوءة بالأمل. تقول أم مصطفى، وهي سيدة خمسينية نازحة من حاس عادت اليوم مع عائلتها وأحفادها، بينما تضم حفيدتها الصغيرة بين ذراعيها: “ما كنت أصدق إنو راح أرجع لهون. سبع سنين وأنا بحلم بشوف باب بيتي. حتى لو ما بقي منو إلا الحيطان، ريحة ترابنا كفيلة تنسيني تعب العمر كله”.

الحافلات التي نقلت العائلات كانت محمّلة بما يفوق الأمتعة، حملت قصص النزوح الطويلة، وصور الوداع من المخيمات، ودموع فرحٍ حذرة. ومع كل توقفٍ على الطريق، كان هناك من يرفع هاتفه ليوثق اللحظة: الطريق إلى البيت.

وعند وصولهم إلى قرية حاس، استقبلتهم فرق المفوضية وشركاؤها المحليون بمساعدات غير غذائية وحقائب شتوية، إضافة إلى دعم من منظمة مزن الإنسانية ومؤسسة التنمية والتطوير والهلال الأحمر العربي السوري – فرع إدلب. أما فريق الحماية في معرة النعمان، فقد بدأ بتقديم الإرشاد والمساندة للعائدين في الأيام الأولى لعودتهم.

العودة لم تكن سهلة، يقول الأهالي، البيوت في حاس أنهكتها الحرب، والكثير منها لم يبقَ منه سوى الأطلال. لكن المشهد الأجمل كان تلك الأيادي الصغيرة التي حملت المكانس بدل الحقائب، تنظف الغبار عن عتبات المنازل.

هذه المبادرة تأتي بعد أعوام من الاستبيانات التي أجرتها فرق المفوضية لمعرفة نية النازحين بالعودة. ومن بين آلاف الأمنيات، كانت هذه القافلة هي الخطوة الأولى نحو حلم جماعي بالاستقرار من جديد.

ورغم أن نحو 780 ألف شخص ما زالوا يعيشون في مخيمات شمال غرب سوريا، إلا أن مشهد الحافلات وهي تعود اليوم إلى الجنوب يفتح نافذة من ضوء على مستقبلٍ طال انتظاره.

أم مصطفى تختم حديثها بابتسامة دامعة: “الرجعة مو بس على البيت… الرجعة عالحياة”.

وأكدت الشؤون الاجتماعية عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن استمرار الدعم الدولي والتمويل الإنساني ضروري لضمان استدامة هذه العودة ومساعدة العائلات على الاندماج مجدداً في مجتمعاتها.

ورغم الصعوبات، تبقى روح الصمود والإصرار على الحياة هي العنوان الأبرز في وجوه العائدين إلى حاس، الذين بدأوا اليوم أول فصول العودة إلى جذورهم.

بين حطامٍ ما زال يروي وجع السنوات، وأطفال يركضون في طرقاتٍ عادت تنبض بالحياة، تبدو حاس اليوم كأنها تقول للعالم: من هنا يبدأ الأمل من جديد.

مقالات ذات صلة